| سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة | |
|
+9زينه غريب الروح شذى الاردن قمر الزمان ندى العمر عماد الصالح عامر العطيات راشد الكاسر اميرة الاحلام 13 مشترك |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
اميرة الاحلام القلم الماسي
المشاركات : 29990 نقاط المساهمات : 44217 الشعبيه : 47 تاريخ التسجيل : 24/06/2011 العمر : 35 الموقع : في عالم الاحلام
| موضوع: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الإثنين أبريل 23, 2012 8:00 am | |
|
الحمد لله رب العالمين، وصلاة وسلامًا على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنواصل بإذن الله تعالى حديثنا عن المحكم والمتشابة في القرآن الكريم فنقول :
– ماذا أراد الله بإنزال المتشابه في القرآن؟
أجاب عنه ابن قتيبة في «تأويل مشكل القرآن» فقال: إن القرآن نزل بألفاظ العرب ومعانيها، ومذاهبها في الإيجاز والاختصار والإطالة والتوكيد، والإشارة إلى الشيء، وإغماض بعض المعاني حتى لا يظهر عليه إلا اللَّقن (سريع الفهم) وإظهار بعضها، وضرب الأمثال لما خَفِيَ ولو كان القرآن كله ظاهرًا مكشوفًا حتى يستوي في معرفته العالم والجاهل، لَبَطَلَ التفاضُلُ بين الناس، وسقطت المحنة، وماتت الخواطر ومع الحاجة تقع الفكرة والحيلة، ومع الكفاية يقع العجز والبلادة.
وقالوا: عَيْبُ الغِنَى أنه يورث البَلَه، وفضيلة الفقر أنه يبعث الحيلة.وقال «أكثم بن صَيْفيّ»: ما يَسُرُّني أني مَكفِىٌّ كل أمر الدنيا. قيل له: ولم ؟ قال: أكره عادة العجز.
وكل باب من أبواب العلم: من الفقه والحساب والفرائض والنحو، فمنه ما يَجِلُّ ومنه ما يَدِقُّ، ليرتقي المتعلم فيه رُتبةً بعد رتبة، حتى يبلغ منتهاه، ويُدركَ أقصاه، ولتكون للعالم فضيلةُ النظر، وحسنُ الاستخراج، ولتقع المثوبةُ من الله على حسن العناية.
ولو كان كل فن من العلوم شيئًا واحدًا: لم يكن عالم ولا متعلم، ولا خَفيٌّ ولا جَليٌّ لأن فضائل الأشياء تُعرف بأضدادها، فالخيرُ يُعرف بالشر، والنفعُ بالضرّ، والحلو بالمر، والقليلُ بالكثير، والصغيرُ بالكبير، والباطن بالظاهر. [تأويل مشكل القرآن ص86- 87].
قال العلامة ابن عثيمين في الآية السابقة: «والاشتباه قد يكون اشتباهًا في المعنى، بحيث يكون المعنى غير واضح، أو اشتباهًا في التعارض، بحيث يظن الظان أن القرآن يعارض بعضه بعضًا، وهذا لا يمكن أن يكون، لأن الله عز وجل قال: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾
[النساء: 82] ، والقرآن يصدق بعضه بعضًا».
والتعارض الذي يفهمه من قد يفهمه من الناس يكون للأسباب التالية:
1- إما لقصور في العلم.
2- أو قصور في الفهم.
3- أو تقصير في التدبر.
4- أو سوء في القصد ؛ بحيث يظن أن القرآن يتعارض، فإذا ظن هذا الظن لم يوفق
للجمع بين النصوص، فيحرم الخير لأنه ظن ما لا يليق بالقرآن.
قوله تعالى: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾.
«الآيات»: جمع آية وهي العلامة، وكل آية في القرآن فهي علامة على مُنْزِلها لما فيها من الإعجاز والتحدي، وقوله: «محكمات» أي: متقنات في الدلالة والحكم والخبر، فأخبارها وأحكامها متقنة معلومة ليس فيها إشكال.
وقوله تعالى: ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾.
يعني: أن أحكامها غير معلومة، وأخبارها غير معلومة، فصار المحكم هو المتقن في الدلالة سواء كان خبرًا أو حكمًا والمتشابه هو الذي دلالته غير واضحة سواء كان خبرًا أو حكمًا.
ولهذا نجد أن بعض الآيات لا تدل دلالة صريحة على الحكم الذي استُدلَّ بها عليه، وبعض الآيات الخبرية أيضًا لا تدل دلالة صريحة على الخبر الذي استدل بها عليه.
قال تعالى: ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾:
قدَّم وصف هذه المحكمات وبيان حالها ليتبادر إلى الذهن أول ما يتبادر أنه يرد المتشابهات إلى المحكمات لأنها أمٌّ، وأمُّ الشيء مرجعه وأصله، كما قال الله تعالى: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 39] أي المرجع وهو اللوح المحفوظ الذي ترجع الكتابات كلها إليه، ومنه سميت الفاتحة أمَّ الكتاب، لأن مرجع القرآن إليها، فهذه المحكمات يجب أن ترد إليها المتشابهات.
ينقسم الناس بالنسبة إلى هذه المتشابهات إلى قسمين:
1- قسم يتبعون المتشابه ويضعونه أمام الناس ويعرضونه عليهم فيقولون: كيف كذا وكيف كذا؟
2- وقسم آخر يقولون: آمنا به كل من عند ربنا، فإذا كان من عند ربنا فلا يمكن أن
يتناقض، ولا يمكن أن يتخالف، بل هو متحد متفق، فيرد المتشابه منه إلى المحكم، ويكون جميعه محكمًا.
وقوله: ﴿ ...الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ﴾: الزيغ: بمعنى الميل، من قولهم: زاغت الشمس إذا مالت عن كبد السماء (أي وسط السماء).
أي: في قلوبهم ميل عن الحق، فهم لا يريدون الحق، وإنما يتبعون المتشابه، فتجدهم - والعياذ بالله - يأخذون آيات القرآن التي فيها اشتباه حتى يضربوا بعضها ببعض وما أكثر هؤلاء، ليصدوا عن سبيل الله ويشككوا الناس في كلام الله عز وجل، وأما الذين ليس في قلوبهم زيغ وهم الراسخون في العلم الذين عندهم من العلم ما يتمكنون به أن يجمعوا بين الآيات المتشابهة، وأن يعرفوا معناها، فهؤلاء لا يكون عندهم هذا التشابه، بل يقولون: ﴿ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾، فلا يرون في القرآن شيئًا متعارضًا متناقضًا.
وكل أهل البدع من الرافضة والخوارج والمعتزلة والجهمية وغيرهم كلهم اتبعوا ما تشابه منه، لكن مستقل ومستكثر، فهؤلاء يتبعون ما تشابه لهذين الفرضين أو لأحدهما:
1- «ابتغاء الفتنة» أي: صد الناس عن دين الله؛ لأن الفتنة بمعنى الصد عن دين الله، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10] ، فتنوهم: يعني صدوهم عن دين الله.
2- ﴿ وابتغاء تأويله ﴾، أي: طلب تأويله لما يُريدُون، فَهُم يُفسِّرونه على مرادهم لا على مراد الله.
قال أبو بكر الأنباري: وقد كان الأئمة من السلف يعاقبون من يسأل عن تفسير الحروف المشكلات في القرآن ؛ لأن السائل إن كان يبغي بسؤاله تخليد البدعة وإثارة الفتنة فهو حقيق بالنكير وأعظم التعزير، وإن لم يكن ذلك مقصده فقد استحق العتب بما اجترم من الذنب، إذ أوجد للمنافقين الملحدين في ذلك الوقت سبيلاً إلى أن يقصدوا ضعفة المسلمين بالتشكيك والتضليل في تحريف القرآن عن مناهج التنزيل وحقائق التأويل.
قال القرطبي وهو ينقل كلام أبي بكر الأنباري: فمن ذلك ما ذكر عن سليمان بن يسار أن صبيغ بن عسل قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن وعن أشياء، فبلغ عمر - رضي الله عنه - فبعث إليه عمر فأحضره وقد أعد له عراجين النخل، فلما حضر قال له عمر: من أنت ؟ قال: أنا عبد الله صبيعْ، فقال عمر رضي الله عنه: وأنا عبد الله عمر، فقام إليه فضرب رأسه بعرجون فشجه، ثم تابع ضربه حتى سال دمه على وجهه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين، فقد والله ذهب ما كنت أجد في رأسي، ثم إن الله تعالى ألهمه التوبة وقذفها في قلبه فتاب وحسنت توبته. وقد ذكر قصة صبيغ بن عسل القرطبي في تفسير سورتي البقرة والذاريات، ونقل رحمه الله في الذاريات أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سأله ابن الكواء فقال: يا أمير المؤمنين: ما ﴿ الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ﴾، قال: ويلك، سل تفقُهًا ولا تسأل تعنتًا، «والذاريات: الرياح».
عدل سابقا من قبل غريب الروح في الإثنين ديسمبر 24, 2012 5:41 pm عدل 1 مرات (السبب : تم تعطيل التوقيع) | |
|
| |
راشد الكاسر مدير العلاقات العامة
المشاركات : 19882 نقاط المساهمات : 30950 الشعبيه : 51 تاريخ التسجيل : 27/02/2010 العمر : 51
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الإثنين أبريل 23, 2012 9:27 am | |
| سلمت الانامل
جزاكي الله كل خير | |
|
| |
عامر العطيات القلم الماسي
المشاركات : 20852 نقاط المساهمات : 27494 الشعبيه : 46 تاريخ التسجيل : 30/11/2009 العمر : 46 الموقع : أسرة القلم العمل/الترفيه : محاسب المزاج : لا تعليق
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الإثنين أبريل 23, 2012 3:11 pm | |
| اميرة الاحلام بارك الله فيكي وجزاكي الله خير جزاء على معلومات وبنتطار كل جديدك
| |
|
| |
عماد الصالح المدير العام
المشاركات : 16517 نقاط المساهمات : 26589 الشعبيه : 435 تاريخ التسجيل : 22/11/2009 العمر : 48 الموقع : قلوب الحبايب العمل/الترفيه : اسرة القلم المزاج : مسافر في كل الارجاء (مدمن تفكير)
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الجمعة مايو 04, 2012 11:23 am | |
| بارك الله فيك اميرة وجزيت خيرا
انا بستمتع في قراءة الامور الدينيه وخصوصا ما اجهله منها
لزياده الرصيد الفكري من المعلومات الدينيه فهي مفتاح وبابا للنجاة
شكرا اميرة ويعطيك كل الخير والسعاده
| |
|
| |
عامر العطيات القلم الماسي
المشاركات : 20852 نقاط المساهمات : 27494 الشعبيه : 46 تاريخ التسجيل : 30/11/2009 العمر : 46 الموقع : أسرة القلم العمل/الترفيه : محاسب المزاج : لا تعليق
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة السبت يوليو 21, 2012 1:53 pm | |
|
جزاك الله خير وجعل الله هذا العمل في ميزان حسناتك وسلمت اناملك
|
عدل سابقا من قبل غريب الروح في الإثنين ديسمبر 24, 2012 5:42 pm عدل 1 مرات (السبب : تم تعطيل التوقيع) | |
|
| |
ندى العمر المراقبة العامة
المشاركات : 19202 نقاط المساهمات : 33241 الشعبيه : 72 تاريخ التسجيل : 27/07/2012 الموقع : منتدى اسرة القلم المزاج : الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الثلاثاء سبتمبر 18, 2012 1:11 am | |
| | |
|
| |
قمر الزمان عضو ادارة
المشاركات : 90649 نقاط المساهمات : 171880 الشعبيه : 290 تاريخ التسجيل : 29/11/2009 العمر : 46 الموقع : منتدى اسره القلم العمل/الترفيه : بتثقف المزاج : الحمدلله
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الجمعة سبتمبر 21, 2012 1:24 am | |
| | |
|
| |
شذى الاردن عضو هام
المشاركات : 1230 نقاط المساهمات : 4014 الشعبيه : 7 تاريخ التسجيل : 30/10/2010 العمر : 33
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الخميس أكتوبر 04, 2012 12:46 pm | |
| | |
|
| |
غريب الروح يوبيل القلم الذهبي
المشاركات : 102389 نقاط المساهمات : 161265 الشعبيه : 90 تاريخ التسجيل : 24/08/2012 العمر : 44
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الإثنين ديسمبر 24, 2012 6:24 pm | |
|
عدل سابقا من قبل غريب الروح في الإثنين مارس 11, 2013 2:33 pm عدل 1 مرات (السبب : تعطيل التوقيع) | |
|
| |
زينه عضو لامع
المشاركات : 2619 نقاط المساهمات : 3663 الشعبيه : 11 تاريخ التسجيل : 02/08/2010 العمر : 35 المزاج : رايقه
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الإثنين ديسمبر 24, 2012 6:32 pm | |
| جزاك الله كل خير وجعله في ميزان حسناتك | |
|
| |
ابو النور الصالح عضو ملكي
المشاركات : 7445 نقاط المساهمات : 11413 الشعبيه : 22 تاريخ التسجيل : 27/08/2012 العمر : 51
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الأربعاء مارس 06, 2013 11:53 pm | |
| استمر الابداع ودائما بانتظار الجديد
عدل سابقا من قبل غريب الروح في الأحد يوليو 07, 2013 9:43 pm عدل 1 مرات (السبب : تعطيل التوقيع) | |
|
| |
شمس المنتدى المديرة التنفيذية
المشاركات : 24337 نقاط المساهمات : 41147 الشعبيه : 124 تاريخ التسجيل : 27/11/2009 العمر : 43 الموقع : اسرة القلم العمل/الترفيه : منتدانا الغالي المزاج : اخر رواق
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الخميس مارس 07, 2013 5:44 pm | |
|
عدل سابقا من قبل غريب الروح في الإثنين مارس 11, 2013 2:35 pm عدل 1 مرات (السبب : تعطيل التوقيع) | |
|
| |
غريب الروح يوبيل القلم الذهبي
المشاركات : 102389 نقاط المساهمات : 161265 الشعبيه : 90 تاريخ التسجيل : 24/08/2012 العمر : 44
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الإثنين مارس 11, 2013 2:35 pm | |
| - اميرة الاحلام كتب:
الحمد لله رب العالمين، وصلاة وسلامًا على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنواصل بإذن الله تعالى حديثنا عن المحكم والمتشابة في القرآن الكريم فنقول :
– ماذا أراد الله بإنزال المتشابه في القرآن؟
أجاب عنه ابن قتيبة في «تأويل مشكل القرآن» فقال: إن القرآن نزل بألفاظ العرب ومعانيها، ومذاهبها في الإيجاز والاختصار والإطالة والتوكيد، والإشارة إلى الشيء، وإغماض بعض المعاني حتى لا يظهر عليه إلا اللَّقن (سريع الفهم) وإظهار بعضها، وضرب الأمثال لما خَفِيَ ولو كان القرآن كله ظاهرًا مكشوفًا حتى يستوي في معرفته العالم والجاهل، لَبَطَلَ التفاضُلُ بين الناس، وسقطت المحنة، وماتت الخواطر ومع الحاجة تقع الفكرة والحيلة، ومع الكفاية يقع العجز والبلادة.
وقالوا: عَيْبُ الغِنَى أنه يورث البَلَه، وفضيلة الفقر أنه يبعث الحيلة.وقال «أكثم بن صَيْفيّ»: ما يَسُرُّني أني مَكفِىٌّ كل أمر الدنيا. قيل له: ولم ؟ قال: أكره عادة العجز.
وكل باب من أبواب العلم: من الفقه والحساب والفرائض والنحو، فمنه ما يَجِلُّ ومنه ما يَدِقُّ، ليرتقي المتعلم فيه رُتبةً بعد رتبة، حتى يبلغ منتهاه، ويُدركَ أقصاه، ولتكون للعالم فضيلةُ النظر، وحسنُ الاستخراج، ولتقع المثوبةُ من الله على حسن العناية.
ولو كان كل فن من العلوم شيئًا واحدًا: لم يكن عالم ولا متعلم، ولا خَفيٌّ ولا جَليٌّ لأن فضائل الأشياء تُعرف بأضدادها، فالخيرُ يُعرف بالشر، والنفعُ بالضرّ، والحلو بالمر، والقليلُ بالكثير، والصغيرُ بالكبير، والباطن بالظاهر. [تأويل مشكل القرآن ص86- 87].
قال العلامة ابن عثيمين في الآية السابقة: «والاشتباه قد يكون اشتباهًا في المعنى، بحيث يكون المعنى غير واضح، أو اشتباهًا في التعارض، بحيث يظن الظان أن القرآن يعارض بعضه بعضًا، وهذا لا يمكن أن يكون، لأن الله عز وجل قال: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾
[النساء: 82] ، والقرآن يصدق بعضه بعضًا».
والتعارض الذي يفهمه من قد يفهمه من الناس يكون للأسباب التالية:
1- إما لقصور في العلم.
2- أو قصور في الفهم.
3- أو تقصير في التدبر.
4- أو سوء في القصد ؛ بحيث يظن أن القرآن يتعارض، فإذا ظن هذا الظن لم يوفق
للجمع بين النصوص، فيحرم الخير لأنه ظن ما لا يليق بالقرآن.
قوله تعالى: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾.
«الآيات»: جمع آية وهي العلامة، وكل آية في القرآن فهي علامة على مُنْزِلها لما فيها من الإعجاز والتحدي، وقوله: «محكمات» أي: متقنات في الدلالة والحكم والخبر، فأخبارها وأحكامها متقنة معلومة ليس فيها إشكال.
وقوله تعالى: ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾.
يعني: أن أحكامها غير معلومة، وأخبارها غير معلومة، فصار المحكم هو المتقن في الدلالة سواء كان خبرًا أو حكمًا والمتشابه هو الذي دلالته غير واضحة سواء كان خبرًا أو حكمًا.
ولهذا نجد أن بعض الآيات لا تدل دلالة صريحة على الحكم الذي استُدلَّ بها عليه، وبعض الآيات الخبرية أيضًا لا تدل دلالة صريحة على الخبر الذي استدل بها عليه.
قال تعالى: ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾:
قدَّم وصف هذه المحكمات وبيان حالها ليتبادر إلى الذهن أول ما يتبادر أنه يرد المتشابهات إلى المحكمات لأنها أمٌّ، وأمُّ الشيء مرجعه وأصله، كما قال الله تعالى: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 39] أي المرجع وهو اللوح المحفوظ الذي ترجع الكتابات كلها إليه، ومنه سميت الفاتحة أمَّ الكتاب، لأن مرجع القرآن إليها، فهذه المحكمات يجب أن ترد إليها المتشابهات.
ينقسم الناس بالنسبة إلى هذه المتشابهات إلى قسمين:
1- قسم يتبعون المتشابه ويضعونه أمام الناس ويعرضونه عليهم فيقولون: كيف كذا وكيف كذا؟
2- وقسم آخر يقولون: آمنا به كل من عند ربنا، فإذا كان من عند ربنا فلا يمكن أن
يتناقض، ولا يمكن أن يتخالف، بل هو متحد متفق، فيرد المتشابه منه إلى المحكم، ويكون جميعه محكمًا.
وقوله: ﴿ ...الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ﴾: الزيغ: بمعنى الميل، من قولهم: زاغت الشمس إذا مالت عن كبد السماء (أي وسط السماء).
أي: في قلوبهم ميل عن الحق، فهم لا يريدون الحق، وإنما يتبعون المتشابه، فتجدهم - والعياذ بالله - يأخذون آيات القرآن التي فيها اشتباه حتى يضربوا بعضها ببعض وما أكثر هؤلاء، ليصدوا عن سبيل الله ويشككوا الناس في كلام الله عز وجل، وأما الذين ليس في قلوبهم زيغ وهم الراسخون في العلم الذين عندهم من العلم ما يتمكنون به أن يجمعوا بين الآيات المتشابهة، وأن يعرفوا معناها، فهؤلاء لا يكون عندهم هذا التشابه، بل يقولون: ﴿ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾، فلا يرون في القرآن شيئًا متعارضًا متناقضًا.
وكل أهل البدع من الرافضة والخوارج والمعتزلة والجهمية وغيرهم كلهم اتبعوا ما تشابه منه، لكن مستقل ومستكثر، فهؤلاء يتبعون ما تشابه لهذين الفرضين أو لأحدهما:
1- «ابتغاء الفتنة» أي: صد الناس عن دين الله؛ لأن الفتنة بمعنى الصد عن دين الله، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10] ، فتنوهم: يعني صدوهم عن دين الله.
2- ﴿ وابتغاء تأويله ﴾، أي: طلب تأويله لما يُريدُون، فَهُم يُفسِّرونه على مرادهم لا على مراد الله.
قال أبو بكر الأنباري: وقد كان الأئمة من السلف يعاقبون من يسأل عن تفسير الحروف المشكلات في القرآن ؛ لأن السائل إن كان يبغي بسؤاله تخليد البدعة وإثارة الفتنة فهو حقيق بالنكير وأعظم التعزير، وإن لم يكن ذلك مقصده فقد استحق العتب بما اجترم من الذنب، إذ أوجد للمنافقين الملحدين في ذلك الوقت سبيلاً إلى أن يقصدوا ضعفة المسلمين بالتشكيك والتضليل في تحريف القرآن عن مناهج التنزيل وحقائق التأويل.
قال القرطبي وهو ينقل كلام أبي بكر الأنباري: فمن ذلك ما ذكر عن سليمان بن يسار أن صبيغ بن عسل قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن وعن أشياء، فبلغ عمر - رضي الله عنه - فبعث إليه عمر فأحضره وقد أعد له عراجين النخل، فلما حضر قال له عمر: من أنت ؟ قال: أنا عبد الله صبيعْ، فقال عمر رضي الله عنه: وأنا عبد الله عمر، فقام إليه فضرب رأسه بعرجون فشجه، ثم تابع ضربه حتى سال دمه على وجهه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين، فقد والله ذهب ما كنت أجد في رأسي، ثم إن الله تعالى ألهمه التوبة وقذفها في قلبه فتاب وحسنت توبته. وقد ذكر قصة صبيغ بن عسل القرطبي في تفسير سورتي البقرة والذاريات، ونقل رحمه الله في الذاريات أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سأله ابن الكواء فقال: يا أمير المؤمنين: ما ﴿ الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ﴾، قال: ويلك، سل تفقُهًا ولا تسأل تعنتًا، «والذاريات: الرياح».
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |
|
| |
HAMSALHB المشرفة العامة
المشاركات : 33281 نقاط المساهمات : 72957 الشعبيه : 183 تاريخ التسجيل : 28/03/2010 الموقع : اسرة القلم العمل/الترفيه : ان اكون معكم دائما المزاج : الحمد الله دائما وابدا
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الخميس مارس 14, 2013 2:24 am | |
| | |
|
| |
ابو النور الصالح عضو ملكي
المشاركات : 7445 نقاط المساهمات : 11413 الشعبيه : 22 تاريخ التسجيل : 27/08/2012 العمر : 51
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الأربعاء مايو 08, 2013 2:08 am | |
| جهد مميز الله يعطيك العافيه
عدل سابقا من قبل غريب الروح في الأحد يوليو 07, 2013 9:44 pm عدل 1 مرات (السبب : تعطيل التوقيع) | |
|
| |
غريب الروح يوبيل القلم الذهبي
المشاركات : 102389 نقاط المساهمات : 161265 الشعبيه : 90 تاريخ التسجيل : 24/08/2012 العمر : 44
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الأحد يوليو 07, 2013 9:45 pm | |
|
– ماذا أراد الله بإنزال المتشابه في القرآن؟
أجاب عنه ابن قتيبة في «تأويل مشكل القرآن» فقال: إن القرآن نزل بألفاظ العرب ومعانيها، ومذاهبها في الإيجاز والاختصار والإطالة والتوكيد، والإشارة إلى الشيء، وإغماض بعض المعاني حتى لا يظهر عليه إلا اللَّقن (سريع الفهم) وإظهار بعضها، وضرب الأمثال لما خَفِيَ ولو كان القرآن كله ظاهرًا مكشوفًا حتى يستوي في معرفته العالم والجاهل، لَبَطَلَ التفاضُلُ بين الناس، وسقطت المحنة، وماتت الخواطر ومع الحاجة تقع الفكرة والحيلة، ومع الكفاية يقع العجز والبلادة.
وقالوا: عَيْبُ الغِنَى أنه يورث البَلَه، وفضيلة الفقر أنه يبعث الحيلة.وقال «أكثم بن صَيْفيّ»: ما يَسُرُّني أني مَكفِىٌّ كل أمر الدنيا. قيل له: ولم ؟ قال: أكره عادة العجز.
وكل باب من أبواب العلم: من الفقه والحساب والفرائض والنحو، فمنه ما يَجِلُّ ومنه ما يَدِقُّ، ليرتقي المتعلم فيه رُتبةً بعد رتبة، حتى يبلغ منتهاه، ويُدركَ أقصاه، ولتكون للعالم فضيلةُ النظر، وحسنُ الاستخراج، ولتقع المثوبةُ من الله على حسن العناية.
ولو كان كل فن من العلوم شيئًا واحدًا: لم يكن عالم ولا متعلم، ولا خَفيٌّ ولا جَليٌّ لأن فضائل الأشياء تُعرف بأضدادها، فالخيرُ يُعرف بالشر، والنفعُ بالضرّ، والحلو بالمر، والقليلُ بالكثير، والصغيرُ بالكبير، والباطن بالظاهر. [تأويل مشكل القرآن ص86- 87].
قال العلامة ابن عثيمين في الآية السابقة: «والاشتباه قد يكون اشتباهًا في المعنى، بحيث يكون المعنى غير واضح، أو اشتباهًا في التعارض، بحيث يظن الظان أن القرآن يعارض بعضه بعضًا، وهذا لا يمكن أن يكون، لأن الله عز وجل قال: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾
[النساء: 82] ، والقرآن يصدق بعضه بعضًا».
والتعارض الذي يفهمه من قد يفهمه من الناس يكون للأسباب التالية:
1- إما لقصور في العلم.
2- أو قصور في الفهم.
3- أو تقصير في التدبر.
4- أو سوء في القصد ؛ بحيث يظن أن القرآن يتعارض، فإذا ظن هذا الظن لم يوفق
للجمع بين النصوص، فيحرم الخير لأنه ظن ما لا يليق بالقرآن.
قوله تعالى: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾.
«الآيات»: جمع آية وهي العلامة، وكل آية في القرآن فهي علامة على مُنْزِلها لما فيها من الإعجاز والتحدي، وقوله: «محكمات» أي: متقنات في الدلالة والحكم والخبر، فأخبارها وأحكامها متقنة معلومة ليس فيها إشكال.
وقوله تعالى: ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾.
يعني: أن أحكامها غير معلومة، وأخبارها غير معلومة، فصار المحكم هو المتقن في الدلالة سواء كان خبرًا أو حكمًا والمتشابه هو الذي دلالته غير واضحة سواء كان خبرًا أو حكمًا.
ولهذا نجد أن بعض الآيات لا تدل دلالة صريحة على الحكم الذي استُدلَّ بها عليه، وبعض الآيات الخبرية أيضًا لا تدل دلالة صريحة على الخبر الذي استدل بها عليه.
قال تعالى: ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾:
قدَّم وصف هذه المحكمات وبيان حالها ليتبادر إلى الذهن أول ما يتبادر أنه يرد المتشابهات إلى المحكمات لأنها أمٌّ، وأمُّ الشيء مرجعه وأصله، كما قال الله تعالى: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 39] أي المرجع وهو اللوح المحفوظ الذي ترجع الكتابات كلها إليه، ومنه سميت الفاتحة أمَّ الكتاب، لأن مرجع القرآن إليها، فهذه المحكمات يجب أن ترد إليها المتشابهات.
| |
|
| |
ابو النور الصالح عضو ملكي
المشاركات : 7445 نقاط المساهمات : 11413 الشعبيه : 22 تاريخ التسجيل : 27/08/2012 العمر : 51
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الأربعاء يوليو 17, 2013 6:48 pm | |
| بوح رائع وذوق ساطع استمر العطاء
| |
|
| |
شلال الحب القلم الفضي
المشاركات : 11306 نقاط المساهمات : 17061 الشعبيه : 16 تاريخ التسجيل : 22/06/2011 العمر : 20 الموقع : اسرة القلم العمل/الترفيه : اســــــــــرة الـــــــــــــــــــــــــــقلــــــــــــم المزاج : بجنن
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة السبت يوليو 27, 2013 12:09 am | |
| | |
|
| |
قمر الزمان عضو ادارة
المشاركات : 90649 نقاط المساهمات : 171880 الشعبيه : 290 تاريخ التسجيل : 29/11/2009 العمر : 46 الموقع : منتدى اسره القلم العمل/الترفيه : بتثقف المزاج : الحمدلله
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الأربعاء سبتمبر 25, 2013 4:10 am | |
| | |
|
| |
قمر الزمان عضو ادارة
المشاركات : 90649 نقاط المساهمات : 171880 الشعبيه : 290 تاريخ التسجيل : 29/11/2009 العمر : 46 الموقع : منتدى اسره القلم العمل/الترفيه : بتثقف المزاج : الحمدلله
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الأحد نوفمبر 10, 2013 5:34 am | |
| - اميرة الاحلام كتب:
الحمد لله رب العالمين، وصلاة وسلامًا على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنواصل بإذن الله تعالى حديثنا عن المحكم والمتشابة في القرآن الكريم فنقول :
– ماذا أراد الله بإنزال المتشابه في القرآن؟
أجاب عنه ابن قتيبة في «تأويل مشكل القرآن» فقال: إن القرآن نزل بألفاظ العرب ومعانيها، ومذاهبها في الإيجاز والاختصار والإطالة والتوكيد، والإشارة إلى الشيء، وإغماض بعض المعاني حتى لا يظهر عليه إلا اللَّقن (سريع الفهم) وإظهار بعضها، وضرب الأمثال لما خَفِيَ ولو كان القرآن كله ظاهرًا مكشوفًا حتى يستوي في معرفته العالم والجاهل، لَبَطَلَ التفاضُلُ بين الناس، وسقطت المحنة، وماتت الخواطر ومع الحاجة تقع الفكرة والحيلة، ومع الكفاية يقع العجز والبلادة.
وقالوا: عَيْبُ الغِنَى أنه يورث البَلَه، وفضيلة الفقر أنه يبعث الحيلة.وقال «أكثم بن صَيْفيّ»: ما يَسُرُّني أني مَكفِىٌّ كل أمر الدنيا. قيل له: ولم ؟ قال: أكره عادة العجز.
وكل باب من أبواب العلم: من الفقه والحساب والفرائض والنحو، فمنه ما يَجِلُّ ومنه ما يَدِقُّ، ليرتقي المتعلم فيه رُتبةً بعد رتبة، حتى يبلغ منتهاه، ويُدركَ أقصاه، ولتكون للعالم فضيلةُ النظر، وحسنُ الاستخراج، ولتقع المثوبةُ من الله على حسن العناية.
ولو كان كل فن من العلوم شيئًا واحدًا: لم يكن عالم ولا متعلم، ولا خَفيٌّ ولا جَليٌّ لأن فضائل الأشياء تُعرف بأضدادها، فالخيرُ يُعرف بالشر، والنفعُ بالضرّ، والحلو بالمر، والقليلُ بالكثير، والصغيرُ بالكبير، والباطن بالظاهر. [تأويل مشكل القرآن ص86- 87].
قال العلامة ابن عثيمين في الآية السابقة: «والاشتباه قد يكون اشتباهًا في المعنى، بحيث يكون المعنى غير واضح، أو اشتباهًا في التعارض، بحيث يظن الظان أن القرآن يعارض بعضه بعضًا، وهذا لا يمكن أن يكون، لأن الله عز وجل قال: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾
[النساء: 82] ، والقرآن يصدق بعضه بعضًا».
والتعارض الذي يفهمه من قد يفهمه من الناس يكون للأسباب التالية:
1- إما لقصور في العلم.
2- أو قصور في الفهم.
3- أو تقصير في التدبر.
4- أو سوء في القصد ؛ بحيث يظن أن القرآن يتعارض، فإذا ظن هذا الظن لم يوفق
للجمع بين النصوص، فيحرم الخير لأنه ظن ما لا يليق بالقرآن.
قوله تعالى: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾.
«الآيات»: جمع آية وهي العلامة، وكل آية في القرآن فهي علامة على مُنْزِلها لما فيها من الإعجاز والتحدي، وقوله: «محكمات» أي: متقنات في الدلالة والحكم والخبر، فأخبارها وأحكامها متقنة معلومة ليس فيها إشكال.
وقوله تعالى: ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾.
يعني: أن أحكامها غير معلومة، وأخبارها غير معلومة، فصار المحكم هو المتقن في الدلالة سواء كان خبرًا أو حكمًا والمتشابه هو الذي دلالته غير واضحة سواء كان خبرًا أو حكمًا.
ولهذا نجد أن بعض الآيات لا تدل دلالة صريحة على الحكم الذي استُدلَّ بها عليه، وبعض الآيات الخبرية أيضًا لا تدل دلالة صريحة على الخبر الذي استدل بها عليه.
قال تعالى: ﴿ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾:
قدَّم وصف هذه المحكمات وبيان حالها ليتبادر إلى الذهن أول ما يتبادر أنه يرد المتشابهات إلى المحكمات لأنها أمٌّ، وأمُّ الشيء مرجعه وأصله، كما قال الله تعالى: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 39] أي المرجع وهو اللوح المحفوظ الذي ترجع الكتابات كلها إليه، ومنه سميت الفاتحة أمَّ الكتاب، لأن مرجع القرآن إليها، فهذه المحكمات يجب أن ترد إليها المتشابهات.
ينقسم الناس بالنسبة إلى هذه المتشابهات إلى قسمين:
1- قسم يتبعون المتشابه ويضعونه أمام الناس ويعرضونه عليهم فيقولون: كيف كذا وكيف كذا؟
2- وقسم آخر يقولون: آمنا به كل من عند ربنا، فإذا كان من عند ربنا فلا يمكن أن
يتناقض، ولا يمكن أن يتخالف، بل هو متحد متفق، فيرد المتشابه منه إلى المحكم، ويكون جميعه محكمًا.
وقوله: ﴿ ...الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ﴾: الزيغ: بمعنى الميل، من قولهم: زاغت الشمس إذا مالت عن كبد السماء (أي وسط السماء).
أي: في قلوبهم ميل عن الحق، فهم لا يريدون الحق، وإنما يتبعون المتشابه، فتجدهم - والعياذ بالله - يأخذون آيات القرآن التي فيها اشتباه حتى يضربوا بعضها ببعض وما أكثر هؤلاء، ليصدوا عن سبيل الله ويشككوا الناس في كلام الله عز وجل، وأما الذين ليس في قلوبهم زيغ وهم الراسخون في العلم الذين عندهم من العلم ما يتمكنون به أن يجمعوا بين الآيات المتشابهة، وأن يعرفوا معناها، فهؤلاء لا يكون عندهم هذا التشابه، بل يقولون: ﴿ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾، فلا يرون في القرآن شيئًا متعارضًا متناقضًا.
وكل أهل البدع من الرافضة والخوارج والمعتزلة والجهمية وغيرهم كلهم اتبعوا ما تشابه منه، لكن مستقل ومستكثر، فهؤلاء يتبعون ما تشابه لهذين الفرضين أو لأحدهما:
1- «ابتغاء الفتنة» أي: صد الناس عن دين الله؛ لأن الفتنة بمعنى الصد عن دين الله، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10] ، فتنوهم: يعني صدوهم عن دين الله.
2- ﴿ وابتغاء تأويله ﴾، أي: طلب تأويله لما يُريدُون، فَهُم يُفسِّرونه على مرادهم لا على مراد الله.
قال أبو بكر الأنباري: وقد كان الأئمة من السلف يعاقبون من يسأل عن تفسير الحروف المشكلات في القرآن ؛ لأن السائل إن كان يبغي بسؤاله تخليد البدعة وإثارة الفتنة فهو حقيق بالنكير وأعظم التعزير، وإن لم يكن ذلك مقصده فقد استحق العتب بما اجترم من الذنب، إذ أوجد للمنافقين الملحدين في ذلك الوقت سبيلاً إلى أن يقصدوا ضعفة المسلمين بالتشكيك والتضليل في تحريف القرآن عن مناهج التنزيل وحقائق التأويل.
قال القرطبي وهو ينقل كلام أبي بكر الأنباري: فمن ذلك ما ذكر عن سليمان بن يسار أن صبيغ بن عسل قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن وعن أشياء، فبلغ عمر - رضي الله عنه - فبعث إليه عمر فأحضره وقد أعد له عراجين النخل، فلما حضر قال له عمر: من أنت ؟ قال: أنا عبد الله صبيعْ، فقال عمر رضي الله عنه: وأنا عبد الله عمر، فقام إليه فضرب رأسه بعرجون فشجه، ثم تابع ضربه حتى سال دمه على وجهه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين، فقد والله ذهب ما كنت أجد في رأسي، ثم إن الله تعالى ألهمه التوبة وقذفها في قلبه فتاب وحسنت توبته. وقد ذكر قصة صبيغ بن عسل القرطبي في تفسير سورتي البقرة والذاريات، ونقل رحمه الله في الذاريات أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سأله ابن الكواء فقال: يا أمير المؤمنين: ما ﴿ الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ﴾، قال: ويلك، سل تفقُهًا ولا تسأل تعنتًا، «والذاريات: الرياح».
| |
|
| |
قمر الزمان عضو ادارة
المشاركات : 90649 نقاط المساهمات : 171880 الشعبيه : 290 تاريخ التسجيل : 29/11/2009 العمر : 46 الموقع : منتدى اسره القلم العمل/الترفيه : بتثقف المزاج : الحمدلله
| موضوع: رد: سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة الأربعاء يونيو 25, 2014 2:52 am | |
| | |
|
| |
| سورة آل عمران فضائل ولطائف المحكم والمتشابة | |
|