منتدى اسرة القلم
[مواقف تربوية من السيرة النبوية 18


اهلا بك زائرنا الكريم
تفضل بالانضمام لاسرتنا بالضغط على كلمه سجل
اهلا وسهلا بكم نورتونا
تمنى لك المتعه والفائده معنا
منتدى اسرة القلم
[مواقف تربوية من السيرة النبوية 18


اهلا بك زائرنا الكريم
تفضل بالانضمام لاسرتنا بالضغط على كلمه سجل
اهلا وسهلا بكم نورتونا
تمنى لك المتعه والفائده معنا
منتدى اسرة القلم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى اسرة القلم

كل ما يجود فيه الخاطر من همس وحب ومشاعر وابداع تميز بلا حدود ...
 
الرئيسيةالبوابة**أحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» ❞ كتاب فوضى المشاعر ❝ ⏤ ستيفان زفايج
مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الإثنين مايو 17, 2021 9:58 am من طرف قمر الزمان

» رواية أرني أنظر إليك ❝ ⏤ خولة حمدى
مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الإثنين مايو 17, 2021 9:50 am من طرف قمر الزمان

» تحميل كتاب زوربا pdfالمؤلف: نيكوس كازانتزاكيس
مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الإثنين مايو 17, 2021 9:27 am من طرف قمر الزمان

» كتاب أحجار على رقعة الشطرنج :وليم جاي كار
مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الأحد أغسطس 23, 2020 4:57 am من طرف قمر الزمان

»  رواية ذهب مع الريح PDF تأليف (مارغريت ميتشل)
مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الأحد أغسطس 23, 2020 4:50 am من طرف قمر الزمان

» كتاب عصر الحب pdf تأليف (نجيب محفوظ).
مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الأحد أغسطس 23, 2020 4:46 am من طرف قمر الزمان

» رواية جامع الفراشات pdf تأليف ( جون فاولز )
مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الأحد أغسطس 23, 2020 4:36 am من طرف قمر الزمان

» تحميل كتاب سنترال بارك pdf غيوم ميسو
مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الأحد أغسطس 23, 2020 4:31 am من طرف قمر الزمان

» تحميل كتاب بعد 7 سنوات ل غيوم ميسو
مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الأحد أغسطس 23, 2020 4:19 am من طرف قمر الزمان

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
FaceBooke
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 130 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 130 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 226 بتاريخ الأحد ديسمبر 29, 2019 12:55 pm

 

 مواقف تربوية من السيرة النبوية

اذهب الى الأسفل 
+2
قمر الزمان
غريب الروح
6 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
غريب الروح
يوبيل القلم الذهبي
يوبيل القلم الذهبي
غريب الروح


ذكر العذراء الماعز
المشاركات : 102389
نقاط المساهمات : 161265
الشعبيه : 90
تاريخ التسجيل : 24/08/2012
العمر : 44

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الإثنين ديسمبر 03, 2012 5:31 pm

تعتبر السيرة
النبوية بأحداثها وتفاصيلها مدرسة نبويّة متكاملة ، لما تحمله بين ثناياها
من المواقف التربوية العظيمة والفوائد الجليلة ، التي تضع للدعاة والمعلمين
والمربين منهج التربية وحسن التعامل مع مواقف الحياة ومجرياتها ، وهذه بعض
من المواقف التربوية من حياة وسيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - :

الشورى والمساواة من غزوة بدر والأحزاب :

غزوة بدر هي إحدى الغزوات المليئة بالمواقف التربوية ، ولعل من أبرزها موقف
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تأكيده لمبدأ الشورى ، باعتباره مبدأً من
مباديء الشريعة ، وصورة من صور التعاون على الخير ، يحفظ توازن المجتمع ،
ويجسّد حقيقة المشاركة في الفكر والرأي ، بما يخدم مصلحة الجميع .. فرسول
الله - صلى الله عليه وسلم - وهو المؤيَّد بالوحي - استشار أصاحبه في تلك
الغزوة أربع مرات : حين الخروج لملاحقة العير ، وعندما علم بخروج قريشٍ
للدفاع عن أموالها ، واستشارهم عن أفضل المنازل في بدر ، واستشارهم في
موضوع الأسرى ، وكل ذلك لِيُعَُّلم الأمة أن تداول أي فكرة وطرحها للنقاش
يسهم في إثرائها وتوسيع أفقها ، ويساعد كذلك على إعطاء حلول جديدة للنوازل
الواقعة .

وهذا الموقف التربوي في ترسيخ مبدأ الشورى ظهر كذلك جليا في غزوة الأحزاب ،
إذ لما سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بزحف الأحزاب إلى المدينة ،
وعزمها على حرب المسلمين ، استشار أصحابه ، وقرروا بعد الشورى التحصن في
المدينة والدفاع عنها ، وأشار سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ اعتمادا علي
خبرته في حرب الفرس ، بحفر خندق حول المدينة ، وقال : " يا رسول الله ، إنا
كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا " .. فوافقه وأقره النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ وأمر بحفر الخندق حول المدينة ، وتمّ تقسيم المسؤولية بين
الصحابة ..

لقد أنزل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشورى منزلتها ورسخَّها في حياة
الأمة ، إذ الحاجة إليها في الشدائد والقرارات المصيرية على غاية من
الأهمية ، فالشورى استفادة من كل الخبرات والتجارب ، واجتماع للعقول في عقل
، وبناء يساهم الجميع في إقامته ، ولذا قال الله تعالى : { وَأَمْرُهُمْ
شُورَى بَيْنَهُمْ }(الشورى: من الآية38) ..

كما أقرّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة بدر والأحزاب ـ وغيرهما من
غزوات ـ بمبدأ آخر لا يقلّ أهمية عن سابقه ، وهو تطبيق المساواة بين الجندي
والقائد ، ومشاركته لهم في الظروف المختلفة ، يتضح ذلك في موقفه وإصراره ـ
صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة بدر على مشاركة أبي لبابة وعلي بن أبي طالب ـ
رضي الله عنهما ـ في المشي وعدم الاستئثار بالراحلة .. وفي الأحزاب تولى
المسلمون وعلى رأسهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المهمة الشاقة في
حفر الخندق ، وكان لمشاركته ـ صلى الله عليه وسلم ـ الفعلية في الحفر الأثر
الكبير في الروح العالية التي سيطرت على المسلمين ..
لقد أعطى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بدر والأحزاب ـ وغيرهما من
الغزوات ـ موقفا تربويا عمليا في الشورى وأهميتها ، وفي مشاركته لأصحابه
التعب والعمل ، والآلام والآمال ..

لا .. للعصبية والفرقة في غزوة بني المصطلق :

عند ماء المريسيع كشف المنافقون عن حقدهم الذي يضمرونه للإسلام والمسلمين ،
فسعوا ـ كعادتهم دائما إلى يومنا هذا ـ إلى محاولة التفريق بين المسلمين ،
فبعد انتهاء الغزوة ـ كما يقول جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ : ضرب
رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري : يا للأنصار، وقال
المهاجري : يا للمهاجرين .. فاستثمر المنافقون ـ وعلى رأسهم عبد الله بن
أبي بن سلول ـ هذا الموقف ، وحرضوا الأنصار على المهاجرين ، فسمع ذلك رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال : ( ما بال دعوى الجاهلية ؟! ، قالوا
يا رسول الله : كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار ، فقال رسول الله ـ
صلى الله عليه وسلم ـ : دعوها فإنها منتنة ) رواه البخاري .

فمع أن اسم المهاجرين والأنصار من الأسماء الشريفة التي تدل على شرف
أصحابها ، وقد سماهم الله بها على سبيل المدح لهم ، فقال تعالى : {
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا
عَنْهُ }(التوبة: من الآية100) ، إلا أن هذه الأسماء لما استُعْمِلت
الاستعمال الخاطئ لتفريق المسلمين وإحياء للعصبية الجاهلية ، أنكر ذلك رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنكارا شديدا ، وقال قولته الشديدة : ( دعوها
فإنها منتنة ) ، وذلك حفاظا على وحدة الصف للمسلمين ، والتحذير من العصبية
بجميع ألوانها ، سواء كانت عصبية تقوم على القبلية ، أو الجنس ، أو اللون
أو غير ذلك .. وهذا موقف تربوي عظيم من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للأمة
الإسلامية على مر العصور ..

إقالة ذوي العثرات :

عندما أكمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - استعداده للسير إلى فتح مكة ،
كتب حاطب بن أبي بلتعة ـ رضي الله عنه ـ إلى قريش كتاباً يخبرهم بمسير رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليهم ، ثم أعطاه امرأة ، وجعل لها أجراً على
أن تبلغه إلى قريش ، فجعلته في ضفائر شعرها ، ثم خرجت به إلى مكة ، ولكن
الله ـ تعالى ـ أطلع نبيه - صلى الله عليه وسلم - بما صنع حاطب ، فقضى ـ
صلى الله عليه وسلم ـ على هذه المحاولة ، ولم يصل قريش أي خبر من أخبار
تجهز المسلمين وسيرهم لفتح مكة ..
والخطأ الذي اقترفه هذا الصحابي الجليل ليس بالخطأ اليسير ، إنه كشف أسرار
الدولة المسلمة لأعدائها ، ثم هذا الصحابي ليس من عوام الصحابة ، بل هو مِن
أولي الفضل منهم ، إنه من أهل بدر، ويكفيه هذا شرفا ، والصحابة بمجموعهم
خير القرون بقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومع كل هذا زلت به القدم
في لحظة من اللحظات ، وكَمْ للنفس البشرية من زلات ، وهذا من سمات الضعف
البشري والعجز الإنساني ، ليعلم الله عباده المؤمنين بأن البشر ما داموا
ليسوا رسلاً ولا ملائكة فهم غير معصومين من الخطأ ، وهذا الذي عناه النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: ( كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون )
رواه أحمد .

وقد عامل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حاطبا ـ رضي الله عنه ـ معاملة
رحيمة تدل على إقالة عثرات ذوي السوابق الحسنة ، فجعل - صلى الله عليه وسلم
- من ماضي حاطب سبباً في العفو عنه ، وهو منهج تربوي حكيم ..
فلم ينظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حاطب من زاوية مخالفته تلك فحسب
ـ وإن كانت كبيرة ـ ، وإنما راجع رصيده الماضي في الجهاد في سبيل الله
وإعزاز دينه ، فوجد أنه قد شهد بدراً ، وفي هذا توجيه للمسلمين إلى أن
ينظروا إلى أصحاب الأخطاء نظرة متكاملة ، وأن يأخذوا بالاعتبار ما قدموه من
خيرات وأعمال صالحة في حياتهم ، في مجال الدعوة والخير ، والعلم والتربية ،
والجهاد ونصرة دين الله ..
قال ابن القيم : " من قواعد الشرع والحكمة أن من كثرت حسناته وعظمت ، وكان
له في الإسلام تأثير ظاهر ، فإنه يحتمل منه ما لا يحتمل لغيره ، ويُعْفَى
عنه ما لا يعفى عن غيره ، فإن المعصية خبث ، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل
الخبث ، بخلاف الماء القليل ، فإنه لا يحتمل أدنى خبث." .
وإلى ذلك أشار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله لعمر ـ رضي الله عنه ـ :
( وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت
لكم ) رواه البخاري .

إن إقالة العثرة ، والعفو عن صاحب الخطأ والزلة ، ليس إقرارا لخطئه ، ولا
تهوينا من زلته ، ولكنها ـ مع الإنكار عليه ومناصحته ـ إنقاذ له ، بأخذ يده
ليستمر في سيره إلى الله ، وعطائه لدين الله .. ومن ثم فإقالة إقالة ذوي
العثرات موقف تربوي عظيم من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للأمة طبقه مع
حاطب بن أبي بلتعة ـ رضي الله عنه ـ ..

اذهبوا فأنتم الطلقاء :

في السنة الثامنة من الهجرة نصر الله عبده ونبيه محمدا- صلى الله عليه وسلم
- على كفار قريش ، ودخل مكة فاتحًا منتصرًا ، وأمام الكعبة المشرفة وقف
جميع أهل مكة ، وقد امتلأت قلوبهم رعبا وهلعًا ، وهم يفكرون فيما سيفعله
معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تمكن منهم ، ونصره الله
عليهم ، وهم الذين آذوه ، وأهالوا التراب على رأسه ، وحاصروه في شعب أبي
طالب ثلاث سنين ، حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر ، بل وتآمروا عليه بالقتل -
صلى الله عليه وسلم - ، وعذبوا أصحابه أشد العذاب ، وسلبوا أموالهم
وديارهم ، وأجلوهم عن بلادهم ، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قابل
كل تلك الإساءات بموقف تربوي كريم في العفو ـ يليق بمن أرسله الله رحمة
للعالمين ـ ، فقال لهم : ( ما ترون أني فاعل بكم ؟! ، قالوا : أخ كريم ،
وابن أخ كريم ، قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء )رواه البيهقي .

لا رجعة للوثنية :

خرج مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة حنين بعض حديثي العهد
بالجاهلية ، وكانت لبعض القبائل ـ قبل الإسلام ـ شجرة عظيمة خضراء يقال لها
ذات أنواط يأتونها كل سنة ، فيعلقون أسلحتهم عليها للتبرك بها ، ويذبحون
عندها ، ويعكفون عليها ، وبينما هم يسيرون مع رسول الله ـ صلى الله عليه
وسلم ـ إذ وقع بصرهم على الشجرة ..
يقول أبو واقد الليثي - رضي الله عنه - : ( إن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - لما خرج إلى حنين مَرَّ بشجرة للمشركين يقال لها : ذات أنواط ،
يعلقون عليها أسلحتهم ، فقالوا : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما
لهم ذات أنواط ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : سبحان الله ! هذا كما
قال قوم موسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، والذي نفسي بيده لتركبن سنة
من كان قبلكم ) رواه الترمذي .
وهذا يعبر عن عدم وضوح تصورهم للتوحيد الخالص لحداثة إسلامهم ، ولكن النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ مع رفقه بمن أخطأ لم يسكت على هذا الخطأ ، بل حذر من
آثاره ونتائجه ، وأوضح لهم خطورة ما في طلبهم من معاني الشرك ..

وهكذا كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يربي أصحابه ، ويصحح ما يظهر من
انحراف في القول أو السلوك أو الاعتقاد ، حتى في أشد الظروف والمواجهة مع
الأعداء ..
فالمخطئ والجاهل له حق على مجتمعه ، يتمثل في نصحه وتقويم اعوجاجه برفق ،
وبأفضل الطرق وأقومها ، فلو أن المسلمين ـ وخاصة الدعاة والمربين ـ اقتدوا
برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبمواقفه التربوية مع أصحابه ، وما فيها
من حلم ورفق ، ونصح وحكمة ، لأثروا فيمن يعلمونهم تأثيراً يجعلهم يستجيبوا
لتنفيذ أمر الله وهدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..

لن نُغلب اليوم من قلة :

الغرور يمنع النصر، وإذا كانت غزوة بدر قررت للمسلمين أن القلة لا تضرهم
شيئا بجانب كثرة أعدائهم ، فإن غزوة حُنين أكدت أن كثرة المسلمين لا تفيدهم
ولا تنفعهم إذا لم يكونوا مؤمنين صادقين ، إذ كان المسلمون في حنين أكثر
عددا منهم في أي معركة أخرى خاضوها من قبل ، ومع ذلك لم تنفعهم الكثرة شيئا
لما دخل إلى قلوبهم العجب والغرور ، فقد حجب الغرورُ النصرَ عن المسلمين
في بداية المعركة ، حينما قال رجل من المسلمين : " لن نُغْلب اليوم من قلة "
، فشق ذلك على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكانت الهزيمة ..
وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك بقوله : { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي
مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ
فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا
رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ }(التوبة:25) ..
ومن ثم نبه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أهمية الاستعانة بالله في
الحروب وغيرها ، ونِسْبة النصر والتوفيق إلى الله في كل شيء ، فكان دائما
في غزواته وحروبه إذا لقي العدو يقول : ( اللهم بك أحول ، وبك أصول ، وبك
أقاتل ) رواه أحمد . بك أحول : أتحرك ، وبك أصول : أحمل على العدو ..

ولعلَّ هذا الموقف من أبلغ المواقف التربوية في غزوة حنين ، وقد انتفع به
الصحابة بعد ذلك في حروب كثيرة دارت مع الفرس والروم وغيرهما من أجناس
الأرض ، وما فَرَّ المسلمون الذين شهدوا حُنَيْنًا بعد ذلك ، فكلهم أيقنوا
أن النصر ليس بالعدد ولا بالعدة ، وأن الكثرة لا تغني شيئا ، ولا تجدي
نفعاً في ساحات المعارك ، إذا لم تكن قد تسلحت بسلاح العقيدة والإيمان ،
وأخذت بأسباب النصر وقوانينه ..
فالنصر والهزيمة ونتائج المعارك لا يحسمها الكثرة والقلة والعدة فقط ،
وإنما ثمة أمور أُخَر لا تقل شأنا عنها ، إن لم تكن تفوقها أهمية واعتبارا ،
قال الله تعالى : { وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }(آل عمران: من الآية126) ، وقال : { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ
أَقْدَامَكُمْ }(محمد : 7)..

إن المتأمل في حياة وسيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليعجب من فقهه في
معاملة النفوس ، وحكمته في تربيتها وإصلاح أخطائها ، وعلاج ما بها من خلل ،
يظهر ذلك في مواقفه التربوية الكثيرة والجديرة بالوقوف معها لتأملها
والاستفادة منها في واقعنا ومناهجنا التربوية..
ومن ثم تمر السنون والأعوام ، وتظل سيرة وغزوات النبي ـ صلى الله عليه وسلم
ـ نبراسا وهاديا ، يضيء لنا الطريق في التربية والإصلاح ، والعزة والتمكين
..


عدل سابقا من قبل غريب الروح في الثلاثاء يوليو 30, 2013 1:38 am عدل 1 مرات (السبب : تم تعطيل التوقيع)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر الزمان
عضو ادارة
عضو ادارة
قمر الزمان


انثى العقرب الثعبان
المشاركات : 90649
نقاط المساهمات : 171880
الشعبيه : 290
تاريخ التسجيل : 29/11/2009
العمر : 46
الموقع : منتدى اسره القلم
العمل/الترفيه : بتثقف
المزاج : الحمدلله

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الأربعاء ديسمبر 05, 2012 4:30 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غريب الروح
يوبيل القلم الذهبي
يوبيل القلم الذهبي
غريب الروح


ذكر العذراء الماعز
المشاركات : 102389
نقاط المساهمات : 161265
الشعبيه : 90
تاريخ التسجيل : 24/08/2012
العمر : 44

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الخميس ديسمبر 06, 2012 12:26 pm

قمر الزمان كتب:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


عدل سابقا من قبل غريب الروح في الإثنين سبتمبر 09, 2013 6:49 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راشد الكاسر
مدير العلاقات العامة
مدير العلاقات العامة
راشد الكاسر


ذكر الثور الثور
المشاركات : 19882
نقاط المساهمات : 30950
الشعبيه : 51
تاريخ التسجيل : 27/02/2010
العمر : 51

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الإثنين ديسمبر 10, 2012 11:13 pm

سلمت الانامل اخي


عدل سابقا من قبل غريب الروح في الجمعة ديسمبر 14, 2012 6:40 pm عدل 1 مرات (السبب : تعطيل التوقيع)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غريب الروح
يوبيل القلم الذهبي
يوبيل القلم الذهبي
غريب الروح


ذكر العذراء الماعز
المشاركات : 102389
نقاط المساهمات : 161265
الشعبيه : 90
تاريخ التسجيل : 24/08/2012
العمر : 44

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الجمعة ديسمبر 14, 2012 6:39 pm

راشد الكاسر كتب:

سلمت الانامل اخي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


عدل سابقا من قبل غريب الروح في الإثنين سبتمبر 09, 2013 6:38 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ندى العمر
المراقبة العامة
المراقبة العامة
ندى العمر


انثى المشاركات : 19202
نقاط المساهمات : 33241
الشعبيه : 72
تاريخ التسجيل : 27/07/2012
الموقع : منتدى اسرة القلم
المزاج : الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الأربعاء يناير 23, 2013 11:33 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غريب الروح
يوبيل القلم الذهبي
يوبيل القلم الذهبي
غريب الروح


ذكر العذراء الماعز
المشاركات : 102389
نقاط المساهمات : 161265
الشعبيه : 90
تاريخ التسجيل : 24/08/2012
العمر : 44

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الإثنين يناير 28, 2013 4:29 pm

ندى العمر كتب:

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راشد الكاسر
مدير العلاقات العامة
مدير العلاقات العامة
راشد الكاسر


ذكر الثور الثور
المشاركات : 19882
نقاط المساهمات : 30950
الشعبيه : 51
تاريخ التسجيل : 27/02/2010
العمر : 51

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الإثنين فبراير 25, 2013 10:01 am

جزاك الله كل خير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شمس المنتدى
المديرة التنفيذية
المديرة التنفيذية
شمس المنتدى


انثى العذراء القرد
المشاركات : 24337
نقاط المساهمات : 41147
الشعبيه : 124
تاريخ التسجيل : 27/11/2009
العمر : 43
الموقع : اسرة القلم
العمل/الترفيه : منتدانا الغالي
المزاج : اخر رواق

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الخميس مارس 07, 2013 8:00 pm



[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]




عدل سابقا من قبل غريب الروح في الإثنين سبتمبر 09, 2013 6:39 pm عدل 1 مرات (السبب : تم تعطيل التوقيع)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
HAMSALHB
المشرفة العامة
المشرفة العامة
HAMSALHB


انثى المشاركات : 33281
نقاط المساهمات : 72957
الشعبيه : 183
تاريخ التسجيل : 28/03/2010
الموقع : اسرة القلم
العمل/الترفيه : ان اكون معكم دائما
المزاج : الحمد الله دائما وابدا

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الأحد مارس 17, 2013 3:51 am

جزاكـ الله خــير
طرح مميـــــــز
لروحكـ نسائم الايمــان
بانتظــار جديدكـ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غريب الروح
يوبيل القلم الذهبي
يوبيل القلم الذهبي
غريب الروح


ذكر العذراء الماعز
المشاركات : 102389
نقاط المساهمات : 161265
الشعبيه : 90
تاريخ التسجيل : 24/08/2012
العمر : 44

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 09, 2013 6:51 pm

راشد الكاسر كتب:
سلمت الانامل اخي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غريب الروح
يوبيل القلم الذهبي
يوبيل القلم الذهبي
غريب الروح


ذكر العذراء الماعز
المشاركات : 102389
نقاط المساهمات : 161265
الشعبيه : 90
تاريخ التسجيل : 24/08/2012
العمر : 44

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 09, 2013 6:53 pm

شمس المنتدى كتب:


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غريب الروح
يوبيل القلم الذهبي
يوبيل القلم الذهبي
غريب الروح


ذكر العذراء الماعز
المشاركات : 102389
نقاط المساهمات : 161265
الشعبيه : 90
تاريخ التسجيل : 24/08/2012
العمر : 44

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الإثنين سبتمبر 09, 2013 6:54 pm

HAMSALHB كتب:
جزاكـ الله خــير
طرح مميـــــــز
لروحكـ نسائم الايمــان
بانتظــار جديدكـ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غريب الروح
يوبيل القلم الذهبي
يوبيل القلم الذهبي
غريب الروح


ذكر العذراء الماعز
المشاركات : 102389
نقاط المساهمات : 161265
الشعبيه : 90
تاريخ التسجيل : 24/08/2012
العمر : 44

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الإثنين أكتوبر 21, 2013 6:12 pm

غريب الروح كتب:
تعتبر السيرة
النبوية بأحداثها وتفاصيلها مدرسة نبويّة متكاملة ، لما تحمله بين ثناياها
من المواقف التربوية العظيمة والفوائد الجليلة ، التي تضع للدعاة والمعلمين
والمربين منهج التربية وحسن التعامل مع مواقف الحياة ومجرياتها ، وهذه بعض
من المواقف التربوية من حياة وسيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - :

الشورى والمساواة من غزوة بدر والأحزاب :

غزوة بدر هي إحدى الغزوات المليئة بالمواقف التربوية ، ولعل من أبرزها موقف
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تأكيده لمبدأ الشورى ، باعتباره مبدأً من
مباديء الشريعة ، وصورة من صور التعاون على الخير ، يحفظ توازن المجتمع ،
ويجسّد حقيقة المشاركة في الفكر والرأي ، بما يخدم مصلحة الجميع .. فرسول
الله - صلى الله عليه وسلم - وهو المؤيَّد بالوحي - استشار أصاحبه في تلك
الغزوة أربع مرات : حين الخروج لملاحقة العير ، وعندما علم بخروج قريشٍ
للدفاع عن أموالها ، واستشارهم عن أفضل المنازل في بدر ، واستشارهم في
موضوع الأسرى ، وكل ذلك لِيُعَُّلم الأمة أن تداول أي فكرة وطرحها للنقاش
يسهم في إثرائها وتوسيع أفقها ، ويساعد كذلك على إعطاء حلول جديدة للنوازل
الواقعة .

وهذا الموقف التربوي في ترسيخ مبدأ الشورى ظهر كذلك جليا في غزوة الأحزاب ،
إذ لما سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بزحف الأحزاب إلى المدينة ،
وعزمها على حرب المسلمين ، استشار أصحابه ، وقرروا بعد الشورى التحصن في
المدينة والدفاع عنها ، وأشار سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ اعتمادا علي
خبرته في حرب الفرس ، بحفر خندق حول المدينة ، وقال : " يا رسول الله ، إنا
كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا " .. فوافقه وأقره النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ وأمر بحفر الخندق حول المدينة ، وتمّ تقسيم المسؤولية بين
الصحابة ..

لقد أنزل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشورى منزلتها ورسخَّها في حياة
الأمة ، إذ الحاجة إليها في الشدائد والقرارات المصيرية على غاية من
الأهمية ، فالشورى استفادة من كل الخبرات والتجارب ، واجتماع للعقول في عقل
، وبناء يساهم الجميع في إقامته ، ولذا قال الله تعالى : { وَأَمْرُهُمْ
شُورَى بَيْنَهُمْ }(الشورى: من الآية38) ..

كما أقرّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة بدر والأحزاب ـ وغيرهما من
غزوات ـ بمبدأ آخر لا يقلّ أهمية عن سابقه ، وهو تطبيق المساواة بين الجندي
والقائد ، ومشاركته لهم في الظروف المختلفة ، يتضح ذلك في موقفه وإصراره ـ
صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة بدر على مشاركة أبي لبابة وعلي بن أبي طالب ـ
رضي الله عنهما ـ في المشي وعدم الاستئثار بالراحلة .. وفي الأحزاب تولى
المسلمون وعلى رأسهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المهمة الشاقة في
حفر الخندق ، وكان لمشاركته ـ صلى الله عليه وسلم ـ الفعلية في الحفر الأثر
الكبير في الروح العالية التي سيطرت على المسلمين ..
لقد أعطى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بدر والأحزاب ـ وغيرهما من
الغزوات ـ موقفا تربويا عمليا في الشورى وأهميتها ، وفي مشاركته لأصحابه
التعب والعمل ، والآلام والآمال ..

لا .. للعصبية والفرقة في غزوة بني المصطلق :

عند ماء المريسيع كشف المنافقون عن حقدهم الذي يضمرونه للإسلام والمسلمين ،
فسعوا ـ كعادتهم دائما إلى يومنا هذا ـ إلى محاولة التفريق بين المسلمين ،
فبعد انتهاء الغزوة ـ كما يقول جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ : ضرب
رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري : يا للأنصار، وقال
المهاجري : يا للمهاجرين .. فاستثمر المنافقون ـ وعلى رأسهم عبد الله بن
أبي بن سلول ـ هذا الموقف ، وحرضوا الأنصار على المهاجرين ، فسمع ذلك رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال : ( ما بال دعوى الجاهلية ؟! ، قالوا
يا رسول الله : كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار ، فقال رسول الله ـ
صلى الله عليه وسلم ـ : دعوها فإنها منتنة ) رواه البخاري .

فمع أن اسم المهاجرين والأنصار من الأسماء الشريفة التي تدل على شرف
أصحابها ، وقد سماهم الله بها على سبيل المدح لهم ، فقال تعالى : {
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا
عَنْهُ }(التوبة: من الآية100) ، إلا أن هذه الأسماء لما استُعْمِلت
الاستعمال الخاطئ لتفريق المسلمين وإحياء للعصبية الجاهلية ، أنكر ذلك رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنكارا شديدا ، وقال قولته الشديدة : ( دعوها
فإنها منتنة ) ، وذلك حفاظا على وحدة الصف للمسلمين ، والتحذير من العصبية
بجميع ألوانها ، سواء كانت عصبية تقوم على القبلية ، أو الجنس ، أو اللون
أو غير ذلك .. وهذا موقف تربوي عظيم من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للأمة
الإسلامية على مر العصور ..

إقالة ذوي العثرات :

عندما أكمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - استعداده للسير إلى فتح مكة ،
كتب حاطب بن أبي بلتعة ـ رضي الله عنه ـ إلى قريش كتاباً يخبرهم بمسير رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليهم ، ثم أعطاه امرأة ، وجعل لها أجراً على
أن تبلغه إلى قريش ، فجعلته في ضفائر شعرها ، ثم خرجت به إلى مكة ، ولكن
الله ـ تعالى ـ أطلع نبيه - صلى الله عليه وسلم - بما صنع حاطب ، فقضى ـ
صلى الله عليه وسلم ـ على هذه المحاولة ، ولم يصل قريش أي خبر من أخبار
تجهز المسلمين وسيرهم لفتح مكة ..
والخطأ الذي اقترفه هذا الصحابي الجليل ليس بالخطأ اليسير ، إنه كشف أسرار
الدولة المسلمة لأعدائها ، ثم هذا الصحابي ليس من عوام الصحابة ، بل هو مِن
أولي الفضل منهم ، إنه من أهل بدر، ويكفيه هذا شرفا ، والصحابة بمجموعهم
خير القرون بقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومع كل هذا زلت به القدم
في لحظة من اللحظات ، وكَمْ للنفس البشرية من زلات ، وهذا من سمات الضعف
البشري والعجز الإنساني ، ليعلم الله عباده المؤمنين بأن البشر ما داموا
ليسوا رسلاً ولا ملائكة فهم غير معصومين من الخطأ ، وهذا الذي عناه النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: ( كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون )
رواه أحمد .

وقد عامل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حاطبا ـ رضي الله عنه ـ معاملة
رحيمة تدل على إقالة عثرات ذوي السوابق الحسنة ، فجعل - صلى الله عليه وسلم
- من ماضي حاطب سبباً في العفو عنه ، وهو منهج تربوي حكيم ..
فلم ينظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حاطب من زاوية مخالفته تلك فحسب
ـ وإن كانت كبيرة ـ ، وإنما راجع رصيده الماضي في الجهاد في سبيل الله
وإعزاز دينه ، فوجد أنه قد شهد بدراً ، وفي هذا توجيه للمسلمين إلى أن
ينظروا إلى أصحاب الأخطاء نظرة متكاملة ، وأن يأخذوا بالاعتبار ما قدموه من
خيرات وأعمال صالحة في حياتهم ، في مجال الدعوة والخير ، والعلم والتربية ،
والجهاد ونصرة دين الله ..
قال ابن القيم : " من قواعد الشرع والحكمة أن من كثرت حسناته وعظمت ، وكان
له في الإسلام تأثير ظاهر ، فإنه يحتمل منه ما لا يحتمل لغيره ، ويُعْفَى
عنه ما لا يعفى عن غيره ، فإن المعصية خبث ، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل
الخبث ، بخلاف الماء القليل ، فإنه لا يحتمل أدنى خبث." .
وإلى ذلك أشار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله لعمر ـ رضي الله عنه ـ :
( وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت
لكم ) رواه البخاري .

إن إقالة العثرة ، والعفو عن صاحب الخطأ والزلة ، ليس إقرارا لخطئه ، ولا
تهوينا من زلته ، ولكنها ـ مع الإنكار عليه ومناصحته ـ إنقاذ له ، بأخذ يده
ليستمر في سيره إلى الله ، وعطائه لدين الله .. ومن ثم فإقالة إقالة ذوي
العثرات موقف تربوي عظيم من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للأمة طبقه مع
حاطب بن أبي بلتعة ـ رضي الله عنه ـ ..

اذهبوا فأنتم الطلقاء :

في السنة الثامنة من الهجرة نصر الله عبده ونبيه محمدا- صلى الله عليه وسلم
- على كفار قريش ، ودخل مكة فاتحًا منتصرًا ، وأمام الكعبة المشرفة وقف
جميع أهل مكة ، وقد امتلأت قلوبهم رعبا وهلعًا ، وهم يفكرون فيما سيفعله
معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تمكن منهم ، ونصره الله
عليهم ، وهم الذين آذوه ، وأهالوا التراب على رأسه ، وحاصروه في شعب أبي
طالب ثلاث سنين ، حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر ، بل وتآمروا عليه بالقتل -
صلى الله عليه وسلم - ، وعذبوا أصحابه أشد العذاب ، وسلبوا أموالهم
وديارهم ، وأجلوهم عن بلادهم ، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قابل
كل تلك الإساءات بموقف تربوي كريم في العفو ـ يليق بمن أرسله الله رحمة
للعالمين ـ ، فقال لهم : ( ما ترون أني فاعل بكم ؟! ، قالوا : أخ كريم ،
وابن أخ كريم ، قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء )رواه البيهقي .

لا رجعة للوثنية :

خرج مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة حنين بعض حديثي العهد
بالجاهلية ، وكانت لبعض القبائل ـ قبل الإسلام ـ شجرة عظيمة خضراء يقال لها
ذات أنواط يأتونها كل سنة ، فيعلقون أسلحتهم عليها للتبرك بها ، ويذبحون
عندها ، ويعكفون عليها ، وبينما هم يسيرون مع رسول الله ـ صلى الله عليه
وسلم ـ إذ وقع بصرهم على الشجرة ..
يقول أبو واقد الليثي - رضي الله عنه - : ( إن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - لما خرج إلى حنين مَرَّ بشجرة للمشركين يقال لها : ذات أنواط ،
يعلقون عليها أسلحتهم ، فقالوا : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما
لهم ذات أنواط ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : سبحان الله ! هذا كما
قال قوم موسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، والذي نفسي بيده لتركبن سنة
من كان قبلكم ) رواه الترمذي .
وهذا يعبر عن عدم وضوح تصورهم للتوحيد الخالص لحداثة إسلامهم ، ولكن النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ مع رفقه بمن أخطأ لم يسكت على هذا الخطأ ، بل حذر من
آثاره ونتائجه ، وأوضح لهم خطورة ما في طلبهم من معاني الشرك ..

وهكذا كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يربي أصحابه ، ويصحح ما يظهر من
انحراف في القول أو السلوك أو الاعتقاد ، حتى في أشد الظروف والمواجهة مع
الأعداء ..
فالمخطئ والجاهل له حق على مجتمعه ، يتمثل في نصحه وتقويم اعوجاجه برفق ،
وبأفضل الطرق وأقومها ، فلو أن المسلمين ـ وخاصة الدعاة والمربين ـ اقتدوا
برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبمواقفه التربوية مع أصحابه ، وما فيها
من حلم ورفق ، ونصح وحكمة ، لأثروا فيمن يعلمونهم تأثيراً يجعلهم يستجيبوا
لتنفيذ أمر الله وهدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..

لن نُغلب اليوم من قلة :

الغرور يمنع النصر، وإذا كانت غزوة بدر قررت للمسلمين أن القلة لا تضرهم
شيئا بجانب كثرة أعدائهم ، فإن غزوة حُنين أكدت أن كثرة المسلمين لا تفيدهم
ولا تنفعهم إذا لم يكونوا مؤمنين صادقين ، إذ كان المسلمون في حنين أكثر
عددا منهم في أي معركة أخرى خاضوها من قبل ، ومع ذلك لم تنفعهم الكثرة شيئا
لما دخل إلى قلوبهم العجب والغرور ، فقد حجب الغرورُ النصرَ عن المسلمين
في بداية المعركة ، حينما قال رجل من المسلمين : " لن نُغْلب اليوم من قلة "
، فشق ذلك على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكانت الهزيمة ..
وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك بقوله : { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي
مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ
فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا
رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ }(التوبة:25) ..
ومن ثم نبه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أهمية الاستعانة بالله في
الحروب وغيرها ، ونِسْبة النصر والتوفيق إلى الله في كل شيء ، فكان دائما
في غزواته وحروبه إذا لقي العدو يقول : ( اللهم بك أحول ، وبك أصول ، وبك
أقاتل ) رواه أحمد . بك أحول : أتحرك ، وبك أصول : أحمل على العدو ..

ولعلَّ هذا الموقف من أبلغ المواقف التربوية في غزوة حنين ، وقد انتفع به
الصحابة بعد ذلك في حروب كثيرة دارت مع الفرس والروم وغيرهما من أجناس
الأرض ، وما فَرَّ المسلمون الذين شهدوا حُنَيْنًا بعد ذلك ، فكلهم أيقنوا
أن النصر ليس بالعدد ولا بالعدة ، وأن الكثرة لا تغني شيئا ، ولا تجدي
نفعاً في ساحات المعارك ، إذا لم تكن قد تسلحت بسلاح العقيدة والإيمان ،
وأخذت بأسباب النصر وقوانينه ..
فالنصر والهزيمة ونتائج المعارك لا يحسمها الكثرة والقلة والعدة فقط ،
وإنما ثمة أمور أُخَر لا تقل شأنا عنها ، إن لم تكن تفوقها أهمية واعتبارا ،
قال الله تعالى : { وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }(آل عمران: من الآية126) ، وقال : { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ
أَقْدَامَكُمْ }(محمد : 7)..

إن المتأمل في حياة وسيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليعجب من فقهه في
معاملة النفوس ، وحكمته في تربيتها وإصلاح أخطائها ، وعلاج ما بها من خلل ،
يظهر ذلك في مواقفه التربوية الكثيرة والجديرة بالوقوف معها لتأملها
والاستفادة منها في واقعنا ومناهجنا التربوية..
ومن ثم تمر السنون والأعوام ، وتظل سيرة وغزوات النبي ـ صلى الله عليه وسلم
ـ نبراسا وهاديا ، يضيء لنا الطريق في التربية والإصلاح ، والعزة والتمكين
..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
قمر الزمان
عضو ادارة
عضو ادارة
قمر الزمان


انثى العقرب الثعبان
المشاركات : 90649
نقاط المساهمات : 171880
الشعبيه : 290
تاريخ التسجيل : 29/11/2009
العمر : 46
الموقع : منتدى اسره القلم
العمل/الترفيه : بتثقف
المزاج : الحمدلله

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الثلاثاء نوفمبر 12, 2013 3:16 am

غريب الروح كتب:
تعتبر السيرة
النبوية بأحداثها وتفاصيلها مدرسة نبويّة متكاملة ، لما تحمله بين ثناياها
من المواقف التربوية العظيمة والفوائد الجليلة ، التي تضع للدعاة والمعلمين
والمربين منهج التربية وحسن التعامل مع مواقف الحياة ومجرياتها ، وهذه بعض
من المواقف التربوية من حياة وسيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - :

الشورى والمساواة من غزوة بدر والأحزاب :

غزوة بدر هي إحدى الغزوات المليئة بالمواقف التربوية ، ولعل من أبرزها موقف
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في تأكيده لمبدأ الشورى ، باعتباره مبدأً من
مباديء الشريعة ، وصورة من صور التعاون على الخير ، يحفظ توازن المجتمع ،
ويجسّد حقيقة المشاركة في الفكر والرأي ، بما يخدم مصلحة الجميع .. فرسول
الله - صلى الله عليه وسلم - وهو المؤيَّد بالوحي - استشار أصاحبه في تلك
الغزوة أربع مرات : حين الخروج لملاحقة العير ، وعندما علم بخروج قريشٍ
للدفاع عن أموالها ، واستشارهم عن أفضل المنازل في بدر ، واستشارهم في
موضوع الأسرى ، وكل ذلك لِيُعَُّلم الأمة أن تداول أي فكرة وطرحها للنقاش
يسهم في إثرائها وتوسيع أفقها ، ويساعد كذلك على إعطاء حلول جديدة للنوازل
الواقعة .

وهذا الموقف التربوي في ترسيخ مبدأ الشورى ظهر كذلك جليا في غزوة الأحزاب ،
إذ لما سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بزحف الأحزاب إلى المدينة ،
وعزمها على حرب المسلمين ، استشار أصحابه ، وقرروا بعد الشورى التحصن في
المدينة والدفاع عنها ، وأشار سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ اعتمادا علي
خبرته في حرب الفرس ، بحفر خندق حول المدينة ، وقال : " يا رسول الله ، إنا
كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا " .. فوافقه وأقره النبي ـ صلى
الله عليه وسلم ـ وأمر بحفر الخندق حول المدينة ، وتمّ تقسيم المسؤولية بين
الصحابة ..

لقد أنزل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الشورى منزلتها ورسخَّها في حياة
الأمة ، إذ الحاجة إليها في الشدائد والقرارات المصيرية على غاية من
الأهمية ، فالشورى استفادة من كل الخبرات والتجارب ، واجتماع للعقول في عقل
، وبناء يساهم الجميع في إقامته ، ولذا قال الله تعالى : { وَأَمْرُهُمْ
شُورَى بَيْنَهُمْ }(الشورى: من الآية38) ..

كما أقرّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة بدر والأحزاب ـ وغيرهما من
غزوات ـ بمبدأ آخر لا يقلّ أهمية عن سابقه ، وهو تطبيق المساواة بين الجندي
والقائد ، ومشاركته لهم في الظروف المختلفة ، يتضح ذلك في موقفه وإصراره ـ
صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة بدر على مشاركة أبي لبابة وعلي بن أبي طالب ـ
رضي الله عنهما ـ في المشي وعدم الاستئثار بالراحلة .. وفي الأحزاب تولى
المسلمون وعلى رأسهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المهمة الشاقة في
حفر الخندق ، وكان لمشاركته ـ صلى الله عليه وسلم ـ الفعلية في الحفر الأثر
الكبير في الروح العالية التي سيطرت على المسلمين ..
لقد أعطى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بدر والأحزاب ـ وغيرهما من
الغزوات ـ موقفا تربويا عمليا في الشورى وأهميتها ، وفي مشاركته لأصحابه
التعب والعمل ، والآلام والآمال ..

لا .. للعصبية والفرقة في غزوة بني المصطلق :

عند ماء المريسيع كشف المنافقون عن حقدهم الذي يضمرونه للإسلام والمسلمين ،
فسعوا ـ كعادتهم دائما إلى يومنا هذا ـ إلى محاولة التفريق بين المسلمين ،
فبعد انتهاء الغزوة ـ كما يقول جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ : ضرب
رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري : يا للأنصار، وقال
المهاجري : يا للمهاجرين .. فاستثمر المنافقون ـ وعلى رأسهم عبد الله بن
أبي بن سلول ـ هذا الموقف ، وحرضوا الأنصار على المهاجرين ، فسمع ذلك رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقال : ( ما بال دعوى الجاهلية ؟! ، قالوا
يا رسول الله : كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار ، فقال رسول الله ـ
صلى الله عليه وسلم ـ : دعوها فإنها منتنة ) رواه البخاري .

فمع أن اسم المهاجرين والأنصار من الأسماء الشريفة التي تدل على شرف
أصحابها ، وقد سماهم الله بها على سبيل المدح لهم ، فقال تعالى : {
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا
عَنْهُ }(التوبة: من الآية100) ، إلا أن هذه الأسماء لما استُعْمِلت
الاستعمال الخاطئ لتفريق المسلمين وإحياء للعصبية الجاهلية ، أنكر ذلك رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنكارا شديدا ، وقال قولته الشديدة : ( دعوها
فإنها منتنة ) ، وذلك حفاظا على وحدة الصف للمسلمين ، والتحذير من العصبية
بجميع ألوانها ، سواء كانت عصبية تقوم على القبلية ، أو الجنس ، أو اللون
أو غير ذلك .. وهذا موقف تربوي عظيم من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للأمة
الإسلامية على مر العصور ..

إقالة ذوي العثرات :

عندما أكمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - استعداده للسير إلى فتح مكة ،
كتب حاطب بن أبي بلتعة ـ رضي الله عنه ـ إلى قريش كتاباً يخبرهم بمسير رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليهم ، ثم أعطاه امرأة ، وجعل لها أجراً على
أن تبلغه إلى قريش ، فجعلته في ضفائر شعرها ، ثم خرجت به إلى مكة ، ولكن
الله ـ تعالى ـ أطلع نبيه - صلى الله عليه وسلم - بما صنع حاطب ، فقضى ـ
صلى الله عليه وسلم ـ على هذه المحاولة ، ولم يصل قريش أي خبر من أخبار
تجهز المسلمين وسيرهم لفتح مكة ..
والخطأ الذي اقترفه هذا الصحابي الجليل ليس بالخطأ اليسير ، إنه كشف أسرار
الدولة المسلمة لأعدائها ، ثم هذا الصحابي ليس من عوام الصحابة ، بل هو مِن
أولي الفضل منهم ، إنه من أهل بدر، ويكفيه هذا شرفا ، والصحابة بمجموعهم
خير القرون بقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومع كل هذا زلت به القدم
في لحظة من اللحظات ، وكَمْ للنفس البشرية من زلات ، وهذا من سمات الضعف
البشري والعجز الإنساني ، ليعلم الله عباده المؤمنين بأن البشر ما داموا
ليسوا رسلاً ولا ملائكة فهم غير معصومين من الخطأ ، وهذا الذي عناه النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: ( كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون )
رواه أحمد .

وقد عامل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حاطبا ـ رضي الله عنه ـ معاملة
رحيمة تدل على إقالة عثرات ذوي السوابق الحسنة ، فجعل - صلى الله عليه وسلم
- من ماضي حاطب سبباً في العفو عنه ، وهو منهج تربوي حكيم ..
فلم ينظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حاطب من زاوية مخالفته تلك فحسب
ـ وإن كانت كبيرة ـ ، وإنما راجع رصيده الماضي في الجهاد في سبيل الله
وإعزاز دينه ، فوجد أنه قد شهد بدراً ، وفي هذا توجيه للمسلمين إلى أن
ينظروا إلى أصحاب الأخطاء نظرة متكاملة ، وأن يأخذوا بالاعتبار ما قدموه من
خيرات وأعمال صالحة في حياتهم ، في مجال الدعوة والخير ، والعلم والتربية ،
والجهاد ونصرة دين الله ..
قال ابن القيم : " من قواعد الشرع والحكمة أن من كثرت حسناته وعظمت ، وكان
له في الإسلام تأثير ظاهر ، فإنه يحتمل منه ما لا يحتمل لغيره ، ويُعْفَى
عنه ما لا يعفى عن غيره ، فإن المعصية خبث ، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل
الخبث ، بخلاف الماء القليل ، فإنه لا يحتمل أدنى خبث." .
وإلى ذلك أشار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله لعمر ـ رضي الله عنه ـ :
( وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت
لكم ) رواه البخاري .

إن إقالة العثرة ، والعفو عن صاحب الخطأ والزلة ، ليس إقرارا لخطئه ، ولا
تهوينا من زلته ، ولكنها ـ مع الإنكار عليه ومناصحته ـ إنقاذ له ، بأخذ يده
ليستمر في سيره إلى الله ، وعطائه لدين الله .. ومن ثم فإقالة إقالة ذوي
العثرات موقف تربوي عظيم من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للأمة طبقه مع
حاطب بن أبي بلتعة ـ رضي الله عنه ـ ..

اذهبوا فأنتم الطلقاء :

في السنة الثامنة من الهجرة نصر الله عبده ونبيه محمدا- صلى الله عليه وسلم
- على كفار قريش ، ودخل مكة فاتحًا منتصرًا ، وأمام الكعبة المشرفة وقف
جميع أهل مكة ، وقد امتلأت قلوبهم رعبا وهلعًا ، وهم يفكرون فيما سيفعله
معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تمكن منهم ، ونصره الله
عليهم ، وهم الذين آذوه ، وأهالوا التراب على رأسه ، وحاصروه في شعب أبي
طالب ثلاث سنين ، حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر ، بل وتآمروا عليه بالقتل -
صلى الله عليه وسلم - ، وعذبوا أصحابه أشد العذاب ، وسلبوا أموالهم
وديارهم ، وأجلوهم عن بلادهم ، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قابل
كل تلك الإساءات بموقف تربوي كريم في العفو ـ يليق بمن أرسله الله رحمة
للعالمين ـ ، فقال لهم : ( ما ترون أني فاعل بكم ؟! ، قالوا : أخ كريم ،
وابن أخ كريم ، قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء )رواه البيهقي .

لا رجعة للوثنية :

خرج مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في غزوة حنين بعض حديثي العهد
بالجاهلية ، وكانت لبعض القبائل ـ قبل الإسلام ـ شجرة عظيمة خضراء يقال لها
ذات أنواط يأتونها كل سنة ، فيعلقون أسلحتهم عليها للتبرك بها ، ويذبحون
عندها ، ويعكفون عليها ، وبينما هم يسيرون مع رسول الله ـ صلى الله عليه
وسلم ـ إذ وقع بصرهم على الشجرة ..
يقول أبو واقد الليثي - رضي الله عنه - : ( إن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - لما خرج إلى حنين مَرَّ بشجرة للمشركين يقال لها : ذات أنواط ،
يعلقون عليها أسلحتهم ، فقالوا : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما
لهم ذات أنواط ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : سبحان الله ! هذا كما
قال قوم موسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، والذي نفسي بيده لتركبن سنة
من كان قبلكم ) رواه الترمذي .
وهذا يعبر عن عدم وضوح تصورهم للتوحيد الخالص لحداثة إسلامهم ، ولكن النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ مع رفقه بمن أخطأ لم يسكت على هذا الخطأ ، بل حذر من
آثاره ونتائجه ، وأوضح لهم خطورة ما في طلبهم من معاني الشرك ..

وهكذا كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يربي أصحابه ، ويصحح ما يظهر من
انحراف في القول أو السلوك أو الاعتقاد ، حتى في أشد الظروف والمواجهة مع
الأعداء ..
فالمخطئ والجاهل له حق على مجتمعه ، يتمثل في نصحه وتقويم اعوجاجه برفق ،
وبأفضل الطرق وأقومها ، فلو أن المسلمين ـ وخاصة الدعاة والمربين ـ اقتدوا
برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبمواقفه التربوية مع أصحابه ، وما فيها
من حلم ورفق ، ونصح وحكمة ، لأثروا فيمن يعلمونهم تأثيراً يجعلهم يستجيبوا
لتنفيذ أمر الله وهدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..

لن نُغلب اليوم من قلة :

الغرور يمنع النصر، وإذا كانت غزوة بدر قررت للمسلمين أن القلة لا تضرهم
شيئا بجانب كثرة أعدائهم ، فإن غزوة حُنين أكدت أن كثرة المسلمين لا تفيدهم
ولا تنفعهم إذا لم يكونوا مؤمنين صادقين ، إذ كان المسلمون في حنين أكثر
عددا منهم في أي معركة أخرى خاضوها من قبل ، ومع ذلك لم تنفعهم الكثرة شيئا
لما دخل إلى قلوبهم العجب والغرور ، فقد حجب الغرورُ النصرَ عن المسلمين
في بداية المعركة ، حينما قال رجل من المسلمين : " لن نُغْلب اليوم من قلة "
، فشق ذلك على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكانت الهزيمة ..
وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك بقوله : { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي
مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ
فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا
رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ }(التوبة:25) ..
ومن ثم نبه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أهمية الاستعانة بالله في
الحروب وغيرها ، ونِسْبة النصر والتوفيق إلى الله في كل شيء ، فكان دائما
في غزواته وحروبه إذا لقي العدو يقول : ( اللهم بك أحول ، وبك أصول ، وبك
أقاتل ) رواه أحمد . بك أحول : أتحرك ، وبك أصول : أحمل على العدو ..

ولعلَّ هذا الموقف من أبلغ المواقف التربوية في غزوة حنين ، وقد انتفع به
الصحابة بعد ذلك في حروب كثيرة دارت مع الفرس والروم وغيرهما من أجناس
الأرض ، وما فَرَّ المسلمون الذين شهدوا حُنَيْنًا بعد ذلك ، فكلهم أيقنوا
أن النصر ليس بالعدد ولا بالعدة ، وأن الكثرة لا تغني شيئا ، ولا تجدي
نفعاً في ساحات المعارك ، إذا لم تكن قد تسلحت بسلاح العقيدة والإيمان ،
وأخذت بأسباب النصر وقوانينه ..
فالنصر والهزيمة ونتائج المعارك لا يحسمها الكثرة والقلة والعدة فقط ،
وإنما ثمة أمور أُخَر لا تقل شأنا عنها ، إن لم تكن تفوقها أهمية واعتبارا ،
قال الله تعالى : { وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }(آل عمران: من الآية126) ، وقال : { يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ
أَقْدَامَكُمْ }(محمد : 7)..

إن المتأمل في حياة وسيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليعجب من فقهه في
معاملة النفوس ، وحكمته في تربيتها وإصلاح أخطائها ، وعلاج ما بها من خلل ،
يظهر ذلك في مواقفه التربوية الكثيرة والجديرة بالوقوف معها لتأملها
والاستفادة منها في واقعنا ومناهجنا التربوية..
ومن ثم تمر السنون والأعوام ، وتظل سيرة وغزوات النبي ـ صلى الله عليه وسلم
ـ نبراسا وهاديا ، يضيء لنا الطريق في التربية والإصلاح ، والعزة والتمكين
..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
غريب الروح
يوبيل القلم الذهبي
يوبيل القلم الذهبي
غريب الروح


ذكر العذراء الماعز
المشاركات : 102389
نقاط المساهمات : 161265
الشعبيه : 90
تاريخ التسجيل : 24/08/2012
العمر : 44

مواقف تربوية من السيرة النبوية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مواقف تربوية من السيرة النبوية   مواقف تربوية من السيرة النبوية Icon_minitime1الثلاثاء يونيو 03, 2014 5:11 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مواقف تربوية من السيرة النبوية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الابتلاء في السيرة النبوية
»  السيرة النبوية .. منهج ودراسة
» الرحمة النبوية بالعصاة
» من عجائب ما حصل في الهجرة النبوية
» ~|القصص في السنة النبوية..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى اسرة القلم :: —¤÷([¤ منــبر اســـلامي ¤])÷¤— :: العلوم الدينية :: السيرة النبوية-
انتقل الى: