نتنياهو يعتبر إجراءاته العقابية بعد تصويت اليونيسكو "حقاً لإسرائيل" وفرنسا وبريطانيا وأوروبا تدين
الاحتلال يهدم منازل ويجرف أراضي ويشن حملة اعتقالات في القدس والضفة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]رام الله، لندن، باريس ـ "المستقبل" ووكالات
أقرنت إسرائيل بالأفعال إجراءاتها العقابية ضد الفلسطينيين عقب التصويت في منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) لمصلحة عضوية فلسطين، وعمدت أمس إلى هدم منازل وتجريف أراض وشن حملة اعتقالات في القدس المحتلة والضفة الغربية.
وفي المواقف، وفيما اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن البناء في المستوطنات "حق اساسي وليس عقابا"، برزت ادانتان من كل من فرنسا وبريطانيا للإجراءات العقابية التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية عقب تصويت "اليونيسكو".
فقد هدمت جرافات تابعة لبلدية الاحتلال في القدس امس منزلا بحي الطور المطل على القدس القديمة بحجة البناء دون ترخيص.
وكانت قوة معززة من جنود وشرطة الاحتلال تُرافق جرافات وآليات بلدية الاحتلال اقتحمت منطقة "الشيخ عنبر" في حي الطور في القدس، وشرعت بهدم المنزل.
وقال أحد ملاك الأراضي في الموقع تيسير زبلح لوكالة "فرانس برس" ان "جرافات البلدية وسلطة الطبيعة الاسرائيلية قامت اليوم بتجريف نحو عشرة دونمات من اراضي الطور تملكها ثماني عائلات فلسطينية، وهدمت كراجي واقتلعت اشجار الزيتون والكرز والاجاص والتفاح من ارضي". واضاف ان "سلطة الطبيعة ادعت انها ستقيم متنزه طبيعي هنا". وتابع "ربيت اشجاري التي زرعناها منذ عشرين عاما مثلما اربي اولادي وقطفت زيتوني من 25 شجرة قبل اسبوع فقط. الآن باتت الارض مثل الصحراء وحطموا لي حاوية مليئة بالحديد والمولدات وبضائع دمروا كل شىء ووضعوه في شاحنات". واوضح ان "احد افراد الشرطة اعطانا رقم هاتف في بلدية القدس الاسرائيلية وقال بامكاني الاستفسار هناك. اتصلت ولم يرد احد". وأشار الى ان بلدية القدس قامت بهدم بيته قبل ستة اشهر. وقال "سكنا الدار سبع سنوات وهي مكونة من طابقين واعدنا بناءها مرة اخرى قبل خمسة اشهر وقبل ان نسقفها امرونا بهدمها".
اما منصور غيث فقال "هدموا لي سور الارض وجرفوا الشجر وهدموا كراجي وهم يقومون بتجريف وتنظيف كل شىء امامهم". واضفا "اتصلنا بالمحامي لكنهم لا يردون عليه. قالوا لي ان معهم امر هدم بالتجريف وعندما طلبت منهم رؤية الامر، قالوا سيبرزوه لي ولم ار اي ورقة ولم يعطوني اي مستند".
واحتلت اسرائيل القدس الشرقية خلال حرب الايام الست عام 1967 وضمتها اليها في خطوة غير معترف بها دوليا.
وتمنع سلطات الاحتلال المقدسيين في منطقة الطور (جبل الزيتون) من البناء على أراضيهم بحجة أنها مناطق خضراء يمنع البناء فيها، فيما تعتزم بلدية الاحتلال مصادرة هذه الأراضي لصالح إنشاء حدائق تلمودية.
كما استدعت مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، امس، محافظ مدينة القدس المهندس عدنان الحسيني، ومستشار ديوان الرئاسة المحامي أحمد الرويضي، لمركز التوقيف والتحقيق المعروف باسم "المسكوبية" غربي القدس المحتلة للتحقيق.
وفي محافظة نابلس هدمت سلطات الاحتلال "كرفانا" وصادرت كل محتويته في قرية اللبن الشرقية شرق المحافظة.
وقال مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس، إن عددا من سيارات الاحتلال اقتحمت قرية اللبن الشرقية ظهر امس، وتوجهت "الكرفان" وهدمته. وأضاف أن سلطات الاحتلال قامت بمصادرة كل ما يحوي محيط "الكرفان"، ومنها عدد من السيارات المكسورة.
وكانت مجموعة من المستوطنين احرقت الليلة، جرارا زراعيا لأحد السكان قرية عقربا جنوب نابلس.
وقال دغلس، إن عددا من مستوطني "ايتمار" القريبة من قرية عقربا، أضرموا النار بجرار زراعي يملكه المواطن أشرف غازي إبراهيم بني جامع، وفروا هاربين. وفي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية نفذ عشرات المستوطنين المتطرفين، بمرافقة جيش الاحتلال، عمليات عنف وعربدة ضد أهالي منطقة البقعة شرقي المدينة.
وأفادت مصادر محلية فلسطينية، بأن مستوطني "كريات أربع" و"خارصينا"، يرافقهم عشرات من جنود الاحتلال، والكلاب البوليسية، هاجموا منازل المواطنين المحاذية، وكسروا زجاج مركباتهم، ونوافذ منازلهم، وأخرجوا بعض قاطنيها للعراء، وأجروا عمليات تفتيش وعبثوا فيها.
وناشد أهالي منطقة البقعة الشخصيات الرسمية والمؤسسات الوطنية الاطلاع على أوضاع سكان المنطقة دائمة الاستهداف من قبل المستوطنين الذين يهاجمونها باستمرار بهدف ترحيلهم عن أراضيهم
كما اعتقلت القوات الإسرائيلية 12 فلسطينيا في الضفة الغربية.
وذكرت مصادر امنية اسرائيلية، أن القوات الإسرائيلية اعتقلت الفلسطينيين بدعوى أنهم "مطلوبون". و"تمت إحالتهم إلى الجهات المختصة للتحقيق معهم". وفي سياق متصل، اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي منزل الصحفي عادل إبراهيم أبو نعمه في مخيم عقبة جبر في أريحا.
واحتجزت هذه القوات أسرة ابو نعمه في إحدى غرف المنزل لمدة تزيد عن الثلاث ساعات فيما قاموا باقتياد ابو نعمه خارج المنزل واستجوابه عن طبيعة عمله والنشاطات التي يقوم بها، كما قامت بتفتيش المنزل والعبث بمحتوياته، وبملفات خاصة بطبيعة عمله.
في المواقف، صرح رئيس الوزراء الاسرائيلي أمس بأن قرار حكومته تسريع البناء في المستوطنات هو "حق اساسي وليس عقابا" على منح فلسطين العضوية الكاملة في "اليونيسكو". وقال أمام للكنيست "نحن نبني في القدس لانه من حقنا والتزامنا وليس عقابا بل كحق اساسي لشعبنا في البناء في عاصمته الابدية".
واكد نتانياهو أنه "لن تعود القدس ابدا الى الدولة التي كانت فيها عشية حرب الايام الستة".
وقد انتقدت عدة جهات اسرائيلية سلسلة العقوبات، وقالت رئيسة المعارضة الإسرائيلية تسيبي ليفني امس، في حديث للاذاعة الاسرائيلية العامة: "ان هذا الاجراء ليس ناجعا، بل انه يؤدي الى تقوية العناصر الفلسطينية المتطرفة التي تستخدم الارهاب".
وقال دوف فايغلاس، المستشار السابق لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، ان اسرائيل تمارس انتحارا ذاتيا بوقفها تمويل السلطة الفلسطينية، وأشار الى الترجمة العملية لوقف دفع كمستحقات الضرائب للسلطة هو وجود "الالاف من افراد الاجهزة الامنية الفلسطينية الذين يحافظون على الامن في المناطق (الضفة الغربية) بلا رواتب".
وقال فايغلاس للاذاعة العبرية الرسمية ان "مقارنة عدد الاسرائيليين الذين قتلوا في زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات وفي الفترة من عام 2000 ـ 2005 وما حدث من تقليص كبير في عدد الاصابات بعد عام 2006 يشير الى الدور الكبير للاجهزة الامنية الفلسطينية في محاربة الارهاب". أضاف "الجيش والاجهزة الامنية في اسرائيل يعرفون جيدا ان توجيه ضربات للسلطة الفلسطينية من شانه ان يضر بمصلحة اسرائيل بصورة خطيرة".
وتابع: "ان ما فعلته حكومة نتنياهو هو تقوية حركة حماس التي لا تجد مشكلة في تمويل انشطتها وافرادها بينما يواجه عباس وسلطته مشكلة كبيرة في ذلك"، معتبرا ان السلطة غير مستقرة سياسيا او اقتصاديا وان اضعافها ستكون له نتائج خطيرة وغير مسبوقة في المنطقة.
وفي باريس، اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ادانتها قرار السلطات الاسرائيلية تسريع بناء الاف المساكن في القدس الشرقية ردا على قبول عضوية فلسطين في منظمة اليونيسكو. وقال المتحدث باسم الوزارة برنار فاليرو ان فرنسا "قلقة جدا من المناقشات الجارية في اطار الحكومة الاسرائيلية حول موضوع احتمال تجميد تحويل الضرائب التي تجبى باسم السلطة الفلسطينية".
وصرح فاليرو بأن "فرنسا تدين قرار السلطات الاسرائيلية تسريع بناء آلاف الوحدات السكنية في مختلف مستوطنات القدس الشرقية ومحيطها". واضاف ان باريس "تذكر بان الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية على حد سواء، غير شرعي في نظر القانون الدولي ويشكل تهديدا لحلول الدولتين".
كما دانت بريطانيا امس بشدة قرار الحكومة الاسرائيلية الاسراع ببناء 2000 وحدة استيطانية جديدة كرد على قوبل عضوية فلسطين في اليونيسكو. وحذرت من ان الخطوات الاسرائيلية ولا سيما تجميد تسديد العائدات الضريبية للسلطة الفلسطينية قد تؤدي الى احداث ضعف في قدرة السلطة الفلسطينية على ضبط الوضع الامني.
وقال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، الذي امتنعت بلاده عن التصويت في "اليونيسكو" ان "اعلان اسرائيل تسريع بناء 2000 وحدة استيطانية جديدة كرد على قبول عضوية فلسطين في اليونيسكو يشكل ضربة كبيرة لجهود السلام التي تبذلها اللجنة الرباعية. برنامح بناء المستوطنات هذا غير شرعي بموجب القانون الدولي وهو الأحدث في سلسلة التصريحات الاستفزازية المتعلقة بالاستيطان. انا ادين هذا القرار بتسريع اعمال البناء هذه". اضاف "انا ايضا قلق جدا ازاء قرار اسرائيل وقف تحويل عائدات الضرائب الفلسطينية. وهذا الامر لا يصب في مصلحة احد وخاصة اسرائيل لأن له آثار مباشرة على قدرة السلطة الفلسطينية ضبط الامن بطريقة فعالة في الضفة الغربية".
كما أعرب الاتحاد الأوروبي امس عن قلقه العميق إزاء قرار السلطات الإسرائيلية. وقالت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الإتحاد كاثرين آشتون، في بيان "إنني قلقة بعمق بشأن القرارات الإسرائيلية الأخيرة بتوسيع الأنشطة الاستيطانية رداً على عضوية فلسطين في اليونيسكو".
وأشارت إلى أن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي "غير شرعي وفقاً للقانون الدولي بما في ذلك في القدس الشرقية ويشكل عائقاً للسلام".
وقالت آشتون "ندعو إسرائيل الى التراجع عن هذا القرار وندعو الطرفين لمواصلة التنسيق مع الرباعية الدولية للتقدم في جهود السلام".
فلسطينيا، طالبت حركة "حماس" الرئيس الفلسطيني محمود عباس "بإعلان وقف مسار التسوية مع الجانب الإسرائيلي نهائيّا"، محملة سلطات الاحتلال مسؤولية التصعيد ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
واعتبرت الحركة في بيان صحافي صدر عنها امس قرار الاحتلال بناء ألفي وحدة استيطانية، وتجميد تحويل أموال عائدات الضرائب الفلسطينية، ردًّا على قبول فلسطين عضوًا في منظمة اليونسكو، "يؤكد مجددًا بأن الاحتلال الاسرائيلي يواصل تهويد الأرض والمقدسات، ويمارس سياسة الحصار والضغط والابتزاز في محاولة فاشلة لفرض إرادته وشروطه على شعبنا"، مشيرة إلى أن ذلك يؤكد أيضًا أن "مزاعمه عن استئناف عملية التسوية ما هي إلا ذريعة يستغلها كمظلة للتغطية على جرائمه وسياساته الاستيطانية والتهويدية".
وحمّلت "حماس" الاحتلال المسؤولية الكاملة عن "تداعيات تصعيده وعدوانه ضد الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع"، داعية في الوقت ذاته "الرئيس محمود عباس والإخوة في حركة فتح إلى إعادة النظر جذريًّا في خيار التسوية السياسية العبثي، والتوجه مباشرة إلى حوار وطني شامل مع كافة القوى والفصائل الفلسطينية لتقييم الوضع العام ومراجعة خيارات العمل، وبناء إستراتيجية فلسطينية جديدة متوافق عليها، على أساس التمسك بالحقوق والثوابت الوطنية، وبالمقاومة سبيلا لتحرير الأرض وبناء الدولة وعودة شعبنا الفلسطيني إلى دياره التي هجّر منها".