حتى فنزويلا 'الكافرة' لا تسلم من مساعي ايران لتصدير القمع [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]للمرة
الثانية خلال ستة أشهر يقوم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بزيارة إلى
أميركا اللاتينية. في هذه المرة، شملت جولة احمدي نجاد بوليفيا وفنزويلا
والبرازيل، حيث يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (ريو+ 20).وكما
في المناسبات السابقة، تتضمن هذه الزيارة هدفين: أحدهما رسمي والآخر
حقيقي. على الصعيد الرسمي، جاءت جولة أحمدي نجاد ليبيّن للعالم التزام
بلاده تجاه البيئة وتعزيز العلاقات مع حلفائها في أميركا اللاتينية.
في
الواقع، يسعى أحمدي نجاد إلى بذل جهود جديدة للحد من عزلة إيران على
الساحة الدولية، وزيادة نفوذها في بوليفيا ودعم علاقاتها مع فنزويلا قبل
الاستقالة المحتملة للرئيس شافيز بسبب المشاكل الصحية التي يعاني منها.
مشاركة
إيران في قمة "ريو+ 20" من جانبها ربما تشكل مادة للسخرية، إن لم تكن
حقيقة محزنة، تخفيها في طياتها. ففي الوقت الذي ينتقد فيه نظام آية الله في
إيران النزعة الاستهلاكية الغربية ويقدم نفسه كحكومة تحترم البيئة، فإن
الواقع في إيران ربما لا يكون يختلف كثيراً عن ذلك. تعاني المنطقة
الإيرانية من تصحّر واسع النطاق، والهواء في المدن الإيرانية يعتبر الأكثر
تلوثا في العالم، ويعيش معظم مواطني الدولة الإيرانية دون أي بنية تحتية
لمعالجة المياه.
في
غضون ذلك، بذل النظام الإسلامي كل ما بوسعه من إمكانيات لتجهيز نفسه
بترسانة عسكرية قوية ومتنوعة من أسلحة الدمار الشامل. في العقود الثلاثة
الماضية، قامت طهران ببناء مجموعة واسعة من عناصر الحرب الكيميائية التي
استخدمتها فعلياً أثناء الحرب ضد العراق في ثمانينات القرن المنصرم.
في
الوقت الحاضر، وكما أشير في تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر
في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، قامت إيران بإطلاق برنامج نووي غير شرعي،
وهدفها الوحيد هو إنتاج سلاح نووي. وفي الواقع، يكشف التقرير عن دليل يثبت
إنجاز عمل لتصميم الجهاز والتحضير لاختباره. في ظل هذه الظروف، كانت
التصريحات التي أدلى بها أعضاء الوفد الإيراني في قمة ريو لمصلحة البيئة
كأنها مزحة ثقيلة.
التعاون بين طهران وكاراكاس
من
جانب آخر، كاركاس هي المحطة الأكثر استراتيجية في رحلة أحمدي نجاد. في
الوقت الراهن، أصبح التعاون العسكري بين فنزويلا وإيران رسمياً. في 14
حزيران/ يونيو، عرض الرئيس الفنزويلي شافيز على الصحافة طائرة بدون طيار
يطلق عليها اسم "أربيا – 001" (هاربي – 001)، والتي أشاد بها كثمرة نتجت
عن التعاون الثنائي بين إيران وفنزويلا.
في
الواقع كانت هذه الطائرة نسخة عن طائرة "مهاجر 2"، وهي طائرة من تصميم
إيراني مصممة لجمع المعلومات الاستخباراتية. ووفقا لمصادر صحفية، كان هذا
المشروع نتاج اتفاقية بين الشركة المساهمة الحكومية للصناعات العسكرية
الفنزويلية ومنظمة صناعة الطيران في الجمهورية الإسلامية تصل قيمتها إلى
28 مليون دولار.
في
آذار/مارس 2007، وكجزء من العقوبات التي تهدف إلى إجبار طهران على التخلي
عن برنامجها النووي غير المشروع، حظرت الأمم المتحدة على أعضائها شراء
معدات عسكرية إيرانية. وبناء على ذلك، جاء عرض طائرة "هاربي 001" دليلاً
ملموسا على انتهاك فنزويلا للقانون الدولي.
من
جانب آخر، ربما تكون الطائرات بدون طيار هي مجرد غيض من فيض. في تشرين
الثاني/نوفمبر 2010، كشفت صحيفة "دي فيلت" اليومية الألمانية عن محادثات
بين كاراكاس وطهران حول بناء قاعدة صاروخية ثنائية طويلة المدى على أراضي
فنزويلا يمكنها أن تستوعب أنظمة صواريخ سكود سي (يصل مداها إلى 500 كلم)
وصواريخ شهاب 3 (يصل مداها إلى 1500 كلم).
وفي
وقت لاحق، كشف النقاب عن أن مسؤولين في كاراكاس تلقوا دعوة لزيارة جامعة
شريف في طهران، وهي واحدة من مراكز البحث الرئيسية في برنامج صواريخ
الجمهورية الإسلامية. في الوقت نفسه، أقامت الشركة الإيرانية "بارشين"
للصناعات الكيميائية بالتعاون مع شركة بترو كيماويات فنزويلا مصنع متفجرات
يفترض أنه موجود في ولاية مورون.
تشترك
منظمة صناعة الطيران في الجمهورية الإسلامية و "بارشين" في أمرين،
فكلاهما جزء لا يتجزأ من برنامج الصواريخ الإيراني، وكلاهما تحت سيطرة قوات
حرس الثورة الإسلامية الإيرانية.
ونتيجة
لذلك، يبدو حسب المنطق أن الجنرال علي حاجي زاده، قائد القوات الجوية
التابع لحرس الثورة الإسلامية الإيرانية زار فنزويلا مرتين العام الماضي.
في هذا السياق، وكما كشفت صحيفة ايه بي سي الإسبانية اليومية، فإن بناء
منشآت ضخمة تحت سيطرة الإيرانيين في ماركاي، ووصول عدد كبير من الحاويات
من إيران إلى ذلك الموقع يزيد من الشبهات حول التعاون بين طهران وكاركاس.
في
ظل هذه الرهانات الجدية، يتبين حتماً أن جزءاً من أجندة أحمدي نجاد في
فنزويلا تتعلق بمستقبل البلاد عندما يتنحى تشافيز عن السلطة بسبب تدهور
حالته الصحية. وحتى الآن، ظلت العلاقات بين طهران وكاراكاس هي المشروع
الشخصي للرئيس الفنزويلي.
وفي
ظل غياب شافيز، ليس هناك ضمان على بقاء كل تلك العلاقات التعاونية. وبناء
على ذلك، فإن الجمهورية الإسلامية لديها حافز لتعزيز الروابط مع القطاعات
الأكثر راديكالية في النظام الفنزويلي والتي ترغب في البقاء في السلطة
ومستعدة لقمع المعارضة الديمقراطية.
من
هذا المنطلق، يمكن أن يساهم رجال الدين (آيات الله) بخبرتهم الواسعة في
الجانب المظلم من فن القمع. الجمهورية الإسلامية دولة ذات حكم استبدادي
وتضطهد مواطنيها عندما لا ينصاعون في حياتهم الخاصة للقوانين الصارمة
للتعصب الديني.
هذا
الأمر يوضح سبب خوف المثليين الجنسيين والنساء المتهمات بالزنا والأقليات
الدينية، كالطائفة البهائية، من خطر العقوبات الصارمة، بالإضافة إلى
عقوبة الإعدام. والحال ليس أفضل بالنسبة للمعارضة السياسية.
فيكفي
أن نذكر كيف قام النظام بسحق احتجاجات "الحركة الخضراء" بعد عملية
الاحتيال التي حدثت في انتخابات حزيران/ يونيو 2009 لضمان إعادة انتخاب
أحمدي نجاد. في تلك الحادثة، استعانت قيادة الثورة الإسلامية بمزيج من
الرقابة الصحفية والمظاهر الشعبية المؤيدة للحكومة والعنف في الشوارع
والاعتقالات الجماعية والاستخدام المنهجي للتعذيب لإسكات المعارضين.
من
جانب آخر، سوف تتحول إيران إلى قوة دافعة نحو التطرف في الانتقال إلى
مرحلة فنزويلا ما بعد شافيز. وحتى مع الأخذ بعين الاعتبار البعد الجغرافي
والثقافي بين الجمهورية الإسلامية ودولة فنزويلا الكاريبية التي تحد من
النفوذ السابق، من المتوقع أن يحاول رجال الدين دعم القطاعات "المتشددة"
من الثورة البوليفية.
لن
تكون هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها طهران القمع. وعلى صعيد آخر،
يتعاون حرس الثورة الإيرانية مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد في حملته ضد
المعارضة الداخلية.
المجازفة الإيرانية في بوليفيا
فيما
يتعلق بزيارة بوليفيا، يسعى الرئيس الإيراني إلى استغلال فرصة سياسية. من
المؤكد أن الرئيس إيفو موراليس أحد زعماء أميركا اللاتينية الأكثر
اهتماماً وترقبا للمشاكل الصحية التي يعاني منها شافيز.
في
الواقع، كانت فنزويلا مصدرا رئيسياً في دعم حكومة "لا باز". إن كان يتعين
على الزعيم الفنزويلي التنحي عن السلطة بسبب مشاكله الصحية، فإنه من
المرجح جداً أن المساندة قد وصلت إلى نهايتها، وهذه هي النقطة التي من
الممكن أن تكسب فيها إيران نفوذاً إذا استطاعت ملء الفراغ الذي سوف يتركه
شافيز في فنزويلا.
تركز
المصالح الإيرانية في بوليفيا على مجالين. فمن جهة، طهران مهتمة باستغلال
رواسب اليورانيوم المتاحة وهي تشارك في استغلال رواسب الليثيوم الهائلة
والمتوفرة حالياً في البلاد. ومن جهة أخرى، هناك تعاون عسكري، حيث حصلت
الجمهورية الإسلامية على اتفاق تمهيدي لتزويد القوة الجوية لحكومة "لا
باز" بطائرات من صنع إيران بالإضافة إلى تقديم المساعدة في صيانتها. تمتلك
الجمهورية الإسلامية مصادر تقنية ومالية هامة لتحقيق هذه الأهداف والحصول
على نفوذ حاسم في اضطرابات دولة بوليفيا للحصول على التعاون.
وعلى
هذا الحال، يتعين على الدبلوماسيين والصحفيين في أميركا اللاتينية أن
يتذكروا الأجندة الواقعية للرئيس الإيراني قبل الترحيب به في قمة "ريو+20"
التي تتمثل في الصواريخ الموجودة في فنزويلا، والليثيوم الموجود في
بوليفيا، والبرنامج النووي الذي سوف يعمل حتماً على زعزعة استقرار الشرق
الأوسط.