يتذكّر الناس أمهاتهم مرة في السنة , في عيد أسموه عيد الأم , أما أنا فإني أذكر أمي في كل ثانية , و في كل دقيقة , وفي كل ساعة , هي روحي ومهجتي , هي بؤبؤ عيني و نبضات قلبي , و عندما أقول : أمّاه , يقشعّر بدني و يهتزّ كياني , إنّه العالم العلوي الذي ضمّني صغيرا و كبيرا . و في الواقع لم أكن راغبا في نشر رسائلي إلى أمي الحبيبة لعلمي بخصوصية الموضوع , لكني راجعت نفسي ثم قرّرت أن أنشر كل تلك الرسائل في كتاب بعنوان / رسائل إلى أمي , و أنا و الله على ما أقول شهيد لم أصطنع أحدوثة , ولا إقتبست موضوعا من رواية غوركي , لقد عشت كل كلمة قلتها , وما زلت .
وأدعو كل إبن أو بنت للبّر بأمهما و أبيهما , و الإستمتاع بالوجود مع الشمس و القمر , الأم والأب , فدعاؤهما مستجاب , ورضاهما يجلب التوفيق الرباني , و يفتح الدروب نحو أكبر النجاحات في الحياة ..
ما كنت أعلم أنّ الدهر يخفي لي كيدا و ما كنت أحذر .
والدهر ديدنه الغدر وإن أضحك إمرءا يقبر .
أماّه قلبك الجياش يعلم عن حالي ويشعر .
أماه من فيض قلبك أستلهم الصبر فأصطبر .
كانت بسمتك مرهما لجروحي وبها حياتي كانت تزدهر .
غابت عني ضحتك فأنتهت حياتي و بذا حكم القدر .
أمّاه لا أريد أن أخاطبك بالنثر ولا بالشعر فأنت أكبر من النثر والشعر , ولا أريد أن أخاطبك بأحلى الكلام و أفصح البيان فأنت أكبر من هذا وذاك .
منذ حكم عليّ القدر بالتجوال في المنافي و الأرصفة و الشوارع و المدن و العواصم والقارات , وأنا أبكي بدل الدمع دما عبيطا , نسيت كل الصور إلاّ صورتك الجميلة , مازلت أتذكّر قولك لي عندما شرع أهل الظلام في قتل الكتّاب والصحفيين في الجزائر , قلت لي : إذهب يا يحي بعيدا فأن أراك غريبا ضائعا في بلدان الناس , خير لي من أن أراك قتيلا مذبوحا من الوريد إلى الوريد .
لكنّ الغربة يا أمي ذبحتني من الوريد إلى الوريد فحبك الجيّاش لا وجود له في أرصفة المنافي و لا في الأزقة , و قهوتك الرائعة التي كنّا نشربها عصر كل يوم لا وجود لها في مقاهي الأرصفة الضائعة هنا وهناك .
ما زلت أتذكّر كلامك : ما أحلى جلسات الأحباب لو تدوم , نعم هكذا كنت تقولين. أمّاه ألمّت بيّ الأوجاع من كل جانب ودموعي باتت ساخنة سخونة شوقي إليك , والله يا أماه لم أفعل شيئا في حياتي , وأنت تعرفيني جيدا , فمنذ صباي كان رفيقي الكتاب والقلم , ولم أك أدري أنّ الفكر هو أعظم جريرة في عصر كل حكّامه طغاة .
و أنت يا أمّي تلمّ بك المصيبة تلو المصيبة ولا أقدر أن أزروك أو أراك , ألمّت بكم المجازر الدائمة وأنا أتفرّج , ألمّ بكم الطوفان وأنا أتفرّج , ألمّت بكم الزلازل وأنا أتفرّج , بلغني أنّ العمارة التي تقطنينها في الجزائر العاصمة تضررّت وهي آيلة إلى السقوط وأنا أتفرّج ,
إلى متى يا أمي .
والله لقد إنفطر كبدي وتفتتّ أعضائي , وقد تفتتّ أعضائي حقيقة , فما إن إنتهيت من عملية جراحية في الكلية , حتى دخلت غرفة العمليات لإستئصال المرارة و أشياء أخرى لا أقدر أن أرويها لك حتى لا تصابي بشظايا حزن قاتل .
لم يبق فيّ إلاّ القلب الذي يحمل كل هذا الحبّ لك , وكل الكراهيّة للطغاة والظالمين والذين بدون جريرة يلاحقون الإنسان ويحولون بينه وبين أن يلتقي بأمه أعظم كائن في الوجود .
بلغني يا أمّاه أنّ العمارة التي تقطنين فيها في الجزائر آيلة إلى السقوط , دعّي شقتك يا أماه ونامي في العراء أسوة بالمستصعفين الذين إفترشوا الأرض وألتحفوا السماء . نامي على أحشائي المتعبة , نامي على قلبي الذي دكدكه الزمن , نامي على روحي المتعبة , نامي في الفيافي و القفار يا أماه , المهم يا مهجتي وبؤبؤ عيني , يامن كنت توفرين في مصروف البيت الضئيل الذي كنت تحصلين عليه من والدي المجاهد الذي قاد ثورة الجزائر هو و المجاهدون ورفض الحصول على أي إمتياز لإصراره على أنّه جاهد للّه تعالى وليس لدنيا ينالها , هذا المصروف الذي كنت تعطيني إياه لأشتري كتبا و دواوين وروايات هذه الكتب التي شكلّت ثقافتي و أفكاري وحبّي لجمالية الحياة و إنسانية الإنسان .
أمّاه أتمنى أن أراك ذات يوم وأشرب معك قهوة ,لكن ماذا نفعل مع من صادروا وطنا حررّه أبي , ماذا نفعل مع من لا يحب نور الفكر و يدمن على الظلام و لا يحبّ النقد ولا يحب الثقافة , بل هو مفطور على الظلم و الإستبداد و فتح السجون والمعتقلات . و محنة المثقف تزداد بشكل كبير في بلادي و في العالم العربي , و أنت تعلمين أنني وقبل مغادرتي الجزائر كتبت قائلا :
إن المثقف إذا مال إلى السلطة قتلته المعارضة , وإذا مال إلى المعارضة قتلته السلطة , وإذا بقيّ حياديا قتله الإثنان معا .
يا أمّاه فلتتضرر الأوطان وبيوت المستضعفين , و المهم أن لا تتضررّ قصور الرئاسة وقصور السيادة التي يسكنها كبراؤنا الذين يتلذذون بصناعة الظلم والمأساة و ينتجون الحزن و الذين أقاموا مصانع للدموع و الأوجاع و العذابات .
والعجيب يا أمّاه أنّ الزلزال لا يطاول قصور الرئاسة و دوائر قرارات الظلم العالمي بل يصيب المستضعفين الذين لا يملكون قدرة على شيئ , أي حكمة إلاهيّة هذه يا أمّاه .
نعم يا أماه إن الله يملي لهم ليزدادوا كيدا , ثمّ يكبّهم في الدرك الأسفل من النار .
أمّاه سنلتقي يوما وسنجتمع يوما والذين أنتجوا الزلازل السياسية لا يمكن أن يبقوا سرمدا إلى يوم القيامة , وساعتها يا أمّاه سأفرح فرحة لم أفرحها في حياتي .
أماه , حبيبتي , كبدي , نخاع نخاعي كم يشقّ في نفسي , وفؤادي , وكم تنهمر دموعي كالأنهار , كالشلال , وأنت تخبريني أنك تنتظرين على أحر من الجمر ظهوري في أية شاشة عربية , ثمّ تهرولين تجاهها و تقبلّين جهازا عديم الروح ينقل صورة مجرد صورة , و تضمّين الجهاز إلى صدرك , وتمرّرين خدّك الشريف على الشاشة , و تصرخين يحي , يحي يحياه , يحياه , طال الفراق , طال البعاد , و أنا والله كأنني كنت أسمعك فيزداد غيظي على الظالمين و أتقرّب إلى الله بتعريتهم , و أرفع صوتي ضد مكرهم وظلمهم و إستبدادهم وسرقتهم لأموال الشعوب و أقوات الفقراء , كنت تصرخين بالدموع , و أنا أصرخ بقولة الحق .
كم كنت تتمنين أن تدوم برامجي ساعات وساعات , و كنت تخففّين وطأة الحزن بوضع الشريط المسجّل في الجهاز الرائي و ربما كنت توصلين الليل بالنهار و أنت تتأملين فلذة كبدك الذي حملته رياح الظلم بعيدا بإتجّاه المنافي .
آي مهجتي , يا نور المآقي , يا ماء السواقي , يا أقدس منحة من الخلاّق , كان يبلغني و كنت أعلم أيضا , أنه و عندما يحين وقت الغداء أو العشاء , تتركين مكانا خاليا في المنضدة و طاولة الطعام , و تقولين لإخوتي هذا مكان يحي , سأسكب له الطعام الذي يحبّه , فقد كان يتلذذ هذا الطعام , وذاك الطعام ..
في عيدك الأبدي , وعيدك في كل عشر ثانية , وفي كل ثانية , وفي كل دقيقة , و في كل ساعة , وفي كل لحظة , فأنت نبض قلبي , وكلما نبض قلبي نادى حبيبتي يا من أرضعتني حليبا طاهرا و ألبستني ثيابا طاهرة , و دثّرتني في كل لحظة من لحظات الليل , وكنت صاحبة الفضل في إقامة جسر متين بيني و بين الثقافة , بين قلبي و الحضارة , بين وجودي والمطالعة , و عندما دبّ الوعي في كياني , رحت تحرمين العائلة من الطعام و أصنافه , و تخصّيني به لأشتريّ كتبا ودواوين وموسوعات .
وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو شكرا لك أماه , فأنا مدين لك بكل حرف تعلمته , وبكل كتاب قرأته , وبكل عبارة إستوعبتها و كل علم تفتّق ذهني عليه , وكل فكر صاغ شخصيتي ,,,
لكن يا أمّاه , يا مهجتي وناصيتي , عندما حان وقت سداد الدين و تعويضك عن سنوات الجمر و الصعاب , فرقّوا بيننا .
و لن أقول أبدا وداعا , و تاللّه لن أقول وداعا , فإمّا لقاء قريب , و لن يكون شيئ آخر , وكل حياتي أصبحت محطة إنتظار , محطة يعود فيها الفرع إلى الأصل , و الجزء إلى الكل , و الروح إلى الجسد , و الرؤية إلى البصر ووووووووووووووووووووووووو.
و إذا شاء الله و ألحقك بالرفيق الأعلى قبلي , فأبشرّك بأن روحي ستفيض بعدك مباشرة , وعندها نلتقي عند ربّ العالمين و سوف يجمع بيننا في دار الخلد , في دار لا ظلم فيها ولا إستبداد , وسوف يقتصّ من كل ظالم فرقّ بين أم وإبنها .
أما إذا فارقت أنا الحياة قبلك أمّاه , فساعدك الله , وساعدني , وشكرا لك على كل شيئ , و سأظلّ أقبّل قدميك كما كنت أفعل دائما إلى أن ألقى الله تعالى .
أتذكرين عندما كنت أطرحك أرضا وأقبّل قدميك , فعلتها رضيعا وطفلا و فتيّا وكهلا , و حتى لما تقدمّ بي العمر ما زلت أقبل قدميك قدميك .
وكنت أقول لإخوتي إشهدوا لي أمام الله أنني كنت أقبّل قدمي أمي يوميا , وكنت لا تقبلين مني هذا الفعل و كنت تنهرين عن ذلك , بحجة أنني كبير في السنّ و الموقع الإعلامي و الثقافي , وكنت تقولين لا يجب عليك القيام بهذا بذلك .
و كنت أقول لك : يا أماه دعيني قرب جنّتي , فقد يأتي عليّ يوم لا أستطيع فيه تقبيل قدم من سعى لتكويني و تربيتي , و كنت أقول لك أماه رجاءا لا تحرميني من الجنة , فالجنة غالية وهي تحت قدميك , و ما زالت هذه الجنّة تحت قدميك , و أنا بعيد عنك و عن الجنة , ولذلك دعيني أقول لك : لقد قتلتني جهنم الأحزان وسقر الفراق , ولظى العذابات يا أعذب ما في الوجود , و أصدق من أحبّ و أقدس من وطأ البسيطة ، ياأمّاه .
منقول.....مما راق لي جدااااااااااااااااا.............
عن جد بس شفت الموضوع وخاصه الاهداء ما قدرت امسك حالي وصرت ابكي متل الصغار
يمكن لانك حسيتي بوجعي
امي كانت مثقفه جدا وكانت معلمه اول معلمة ببلدتي علمتنا ابجديات كتيره ابجدية الحب والتسامح لابعد الحدود علمتنا القراءة والكتابه فن دق اعناق الحروف ولوي كواحل الكلمات وكانت رفيقتنا بكل وقت
كنا كل يوم نتجمع عندها واذا ما تجمعنا لازم كلنا نزورها يوميا
كان انسب وقت لي هو الصبح بكير قبل ما اطلع لشغلي لماادخل هي تكون قاعده على كرسي قريب من المطبخ وبايدها المسبحه تصير تعدلي لمين صلت بهذا اليوم ولمين بعد بدها تصلي ولما اشرب القهوه واطلع تلحقني لبرا وتعطيني حبات فواكه من عندها لحتى اكل بالشغل
كان طعم القهوة غير ريحة البيت غير كل شي غير
كانت جميله وهاديه كتير كانت مرتبه ومهتمه بحالها لابعد الحدود كنا دايما نحب ريحة العطر يلي كانت تستعمله بوزيون
دايما كنت احس انه هالعطر خاص لامي وما كنت احب اشمه على حدا غير امي
قبل ما تموت اكلت وشربت وطلبت تشوف الكاهن ولما حضر صلت معنا وتناولت القربان وكانت مبسوطه كتير وتاني يوم الصبح انا وصلت كانت عايشه بس 5 دقايق وبعدها ماتت
معقول
والله ما عم صدق
انا لغاية هلا بروح للمشفى يلي مات فيه ابي بزور غرفته وبرجع
يا الله شو الوضع بدون ام واب بشع
كتير بشع
بكرر شكري دحنونه عن جد هالموضوع اثارني بطريقه مش طبيعيه واكيد راجعه لانه عندي كتير قصص عن امي
ﺃﻣﻴﺮﺓ ﺑـــــــ ﻫﺪﻭﺋﻲ .. القلم الذهبي
المشاركات : 15521 نقاط المساهمات : 35494 الشعبيه : 90 تاريخ التسجيل : 15/07/2010 الموقع : اسرة القلم المزاج : هاديـــــــــــه
موضوع: رد: اجمل ما قرأته اليوم....رسالة إلى أمي الحبيبة العظيمة.......... الأربعاء سبتمبر 22, 2010 1:40 pm
[size=24]وأدعو كل إبن أو بنت للبّر بأمهما و أبيهما , و الإستمتاع بالوجود مع الشمس و القمر , الأم والأب , فدعاؤهما مستجاب , ورضاهما يجلب التوفيق الرباني , و يفتح الدروب نحو أكبر النجاحات في الحياة ..
يسعد مساكي كفى...
صدقااا لا اجد في مفردات قاموسيَ اللغوي كلمة اعبر فيه لكِ عن مدى احساسي بكِ و بكل كلمة سكبتيها هنا......يقيني ان اناملك الرقيقة لم تكتبها بل مداد قلبك المجروح سطرهااا بلا وعي...
الكتابة خير طريقة صحية ، لتفريغ المعناة... ابكي ...ابكي يا كفى ، فبالبكاء نغسل احزاننا عزيزتي... و لتكون هذه الصفحة لكِ ، عبري فيها يوميااا عن ما تحسيه من شوق و حب لاغلى مخلوقة في الوجود على قلوب كل البشر ، الا و هي :::----
االام.........
انا عن نفسي مريت بتجارب مريرة جدااا ... و لكن الضربة التي لا تقتل تقوي، خرجت منها اقوى من الاول ... و انتِ قوية ...و الحزن لا يهزم كفى بل هي تهزم الحزن و الياس... و كل شيء يولد صغير ثم يكبر ...الا الحزن يولد كبير و ثم يصغر.. و الموت هي الحقيقة الوحيدة في الحياة و علينا ان نتقبلهاااا بكل ايمان... و البقاء لله وحده ، عزوجل...... تقبلي ارق تحياتي.... ..
مرات نحس انه البكا للصغار ومرات بحس اني مش عم اقدر اتحكم بحالي
امي وابي كانوا على علاقات طيبه مع الكل وكان الكل يحبهم
كل يوم الصبح ما كانوا يشبوا القهوة الا لحتى يمرق عامل النظافه ( عاشور ) واذا ما مرق يروح ابي على البلديه لحتى يسأل عنه
امي بعد موت ابي ظلت على نفس البرنامج اذا ما شربت القهوة مع عاشور واذا ما شافت عاشور تظل تفتش عليه وكتير مرات وعت بالبستان وهي تفتش على عامل النظافه
سافر قبل ما تموت وقبل يومين رجع للاردن ودخل لبيت اهلي وما كانت صار يبكي بحرقه ويقول
((لما ودعتها بوست ايديها وقالتلي يمكن ترجع ما تلاقيني دير بالك على حالك وظلك طل على البيت ))
مش عارفه ليش صار معنا هيك
ﺃﻣﻴﺮﺓ ﺑـــــــ ﻫﺪﻭﺋﻲ .. القلم الذهبي
المشاركات : 15521 نقاط المساهمات : 35494 الشعبيه : 90 تاريخ التسجيل : 15/07/2010 الموقع : اسرة القلم المزاج : هاديـــــــــــه
موضوع: رد: اجمل ما قرأته اليوم....رسالة إلى أمي الحبيبة العظيمة.......... الأربعاء سبتمبر 22, 2010 9:47 pm
يسعد مساكي كفى ...............
كيفك اليوم .. اتمنى ان اكون قد زرع نسمة فرح في قلبك الحزين.... لم ارد بكاءكِ ...بل العكس ، اردت ان اقول ...هناك من هم احياء و بعيدين عن احبتهم وبشوق كبير للاهل ...ففي الحياة قصص و قصص.............
صاحبنا هذا عايش بعيد عن امه ...و شوقه حراق لامه ...و كلامه حقيقة و ليس تمثيل...صدقته و عشت مع استرساله للموضوع... و ادمعت و انا اقرا الموضوع المرسل....
فغاليتي كفى...عيشي حياتك و كأنه ماما في بلد و انتِ في بلد اخر.... كأنما ستلتقون يوماااا .... اكتبي لها ...و غني لهااا ...حطي موسيقى ..و اللي بدك اياه....فرغي همومك بالكتابة ....
المبدعه في النسج الحروف ورودا عطرقلمك يجول بين حروف سطرت من ذهب كم انتي رائعه يالغلا خيوط الشمس انتي جمال القمر انتي انرتي المكان بروعة أنسجتك وحروفك شكراً لكِ من أعماق القلب على قلمك الراقي برقى ‘إحساسك شكراً لكِ لانكِ كنتي هنا قلمك يسعدنا دوماً فلا تحرميني منه باقة ورد أغلفها وأهديها لكِ الف شكر
يتذكّر الناس أمهاتهم مرة في السنة , في عيد أسموه عيد الأم , أما أنا فإني أذكر أمي في كل ثانية , و في كل دقيقة , وفي كل ساعة , هي روحي ومهجتي , هي بؤبؤ عيني و نبضات قلبي , و عندما أقول : أمّاه , يقشعّر بدني و يهتزّ كياني , إنّه العالم العلوي الذي ضمّني صغيرا و كبيرا . و في الواقع لم أكن راغبا في نشر رسائلي إلى أمي الحبيبة لعلمي بخصوصية الموضوع , لكني راجعت نفسي ثم قرّرت أن أنشر كل تلك الرسائل في كتاب بعنوان / رسائل إلى أمي , و أنا و الله على ما أقول شهيد لم أصطنع أحدوثة , ولا إقتبست موضوعا من رواية غوركي , لقد عشت كل كلمة قلتها , وما زلت .
وأدعو كل إبن أو بنت للبّر بأمهما و أبيهما , و الإستمتاع بالوجود مع الشمس و القمر , الأم والأب , فدعاؤهما مستجاب , ورضاهما يجلب التوفيق الرباني , و يفتح الدروب نحو أكبر النجاحات في الحياة ..
ما كنت أعلم أنّ الدهر يخفي لي كيدا و ما كنت أحذر .
والدهر ديدنه الغدر وإن أضحك إمرءا يقبر .
أماّه قلبك الجياش يعلم عن حالي ويشعر .
أماه من فيض قلبك أستلهم الصبر فأصطبر .
كانت بسمتك مرهما لجروحي وبها حياتي كانت تزدهر .
غابت عني ضحتك فأنتهت حياتي و بذا حكم القدر .
أمّاه لا أريد أن أخاطبك بالنثر ولا بالشعر فأنت أكبر من النثر والشعر , ولا أريد أن أخاطبك بأحلى الكلام و أفصح البيان فأنت أكبر من هذا وذاك .
منذ حكم عليّ القدر بالتجوال في المنافي و الأرصفة و الشوارع و المدن و العواصم والقارات , وأنا أبكي بدل الدمع دما عبيطا , نسيت كل الصور إلاّ صورتك الجميلة , مازلت أتذكّر قولك لي عندما شرع أهل الظلام في قتل الكتّاب والصحفيين في الجزائر , قلت لي : إذهب يا يحي بعيدا فأن أراك غريبا ضائعا في بلدان الناس , خير لي من أن أراك قتيلا مذبوحا من الوريد إلى الوريد .
لكنّ الغربة يا أمي ذبحتني من الوريد إلى الوريد فحبك الجيّاش لا وجود له في أرصفة المنافي و لا في الأزقة , و قهوتك الرائعة التي كنّا نشربها عصر كل يوم لا وجود لها في مقاهي الأرصفة الضائعة هنا وهناك .
ما زلت أتذكّر كلامك : ما أحلى جلسات الأحباب لو تدوم , نعم هكذا كنت تقولين. أمّاه ألمّت بيّ الأوجاع من كل جانب ودموعي باتت ساخنة سخونة شوقي إليك , والله يا أماه لم أفعل شيئا في حياتي , وأنت تعرفيني جيدا , فمنذ صباي كان رفيقي الكتاب والقلم , ولم أك أدري أنّ الفكر هو أعظم جريرة في عصر كل حكّامه طغاة .
و أنت يا أمّي تلمّ بك المصيبة تلو المصيبة ولا أقدر أن أزروك أو أراك , ألمّت بكم المجازر الدائمة وأنا أتفرّج , ألمّ بكم الطوفان وأنا أتفرّج , ألمّت بكم الزلازل وأنا أتفرّج , بلغني أنّ العمارة التي تقطنينها في الجزائر العاصمة تضررّت وهي آيلة إلى السقوط وأنا أتفرّج ,
إلى متى يا أمي .
والله لقد إنفطر كبدي وتفتتّ أعضائي , وقد تفتتّ أعضائي حقيقة , فما إن إنتهيت من عملية جراحية في الكلية , حتى دخلت غرفة العمليات لإستئصال المرارة و أشياء أخرى لا أقدر أن أرويها لك حتى لا تصابي بشظايا حزن قاتل .
لم يبق فيّ إلاّ القلب الذي يحمل كل هذا الحبّ لك , وكل الكراهيّة للطغاة والظالمين والذين بدون جريرة يلاحقون الإنسان ويحولون بينه وبين أن يلتقي بأمه أعظم كائن في الوجود .
بلغني يا أمّاه أنّ العمارة التي تقطنين فيها في الجزائر آيلة إلى السقوط , دعّي شقتك يا أماه ونامي في العراء أسوة بالمستصعفين الذين إفترشوا الأرض وألتحفوا السماء . نامي على أحشائي المتعبة , نامي على قلبي الذي دكدكه الزمن , نامي على روحي المتعبة , نامي في الفيافي و القفار يا أماه , المهم يا مهجتي وبؤبؤ عيني , يامن كنت توفرين في مصروف البيت الضئيل الذي كنت تحصلين عليه من والدي المجاهد الذي قاد ثورة الجزائر هو و المجاهدون ورفض الحصول على أي إمتياز لإصراره على أنّه جاهد للّه تعالى وليس لدنيا ينالها , هذا المصروف الذي كنت تعطيني إياه لأشتري كتبا و دواوين وروايات هذه الكتب التي شكلّت ثقافتي و أفكاري وحبّي لجمالية الحياة و إنسانية الإنسان .
أمّاه أتمنى أن أراك ذات يوم وأشرب معك قهوة ,لكن ماذا نفعل مع من صادروا وطنا حررّه أبي , ماذا نفعل مع من لا يحب نور الفكر و يدمن على الظلام و لا يحبّ النقد ولا يحب الثقافة , بل هو مفطور على الظلم و الإستبداد و فتح السجون والمعتقلات . و محنة المثقف تزداد بشكل كبير في بلادي و في العالم العربي , و أنت تعلمين أنني وقبل مغادرتي الجزائر كتبت قائلا :
إن المثقف إذا مال إلى السلطة قتلته المعارضة , وإذا مال إلى المعارضة قتلته السلطة , وإذا بقيّ حياديا قتله الإثنان معا .
يا أمّاه فلتتضرر الأوطان وبيوت المستضعفين , و المهم أن لا تتضررّ قصور الرئاسة وقصور السيادة التي يسكنها كبراؤنا الذين يتلذذون بصناعة الظلم والمأساة و ينتجون الحزن و الذين أقاموا مصانع للدموع و الأوجاع و العذابات .
والعجيب يا أمّاه أنّ الزلزال لا يطاول قصور الرئاسة و دوائر قرارات الظلم العالمي بل يصيب المستضعفين الذين لا يملكون قدرة على شيئ , أي حكمة إلاهيّة هذه يا أمّاه .
نعم يا أماه إن الله يملي لهم ليزدادوا كيدا , ثمّ يكبّهم في الدرك الأسفل من النار .
أمّاه سنلتقي يوما وسنجتمع يوما والذين أنتجوا الزلازل السياسية لا يمكن أن يبقوا سرمدا إلى يوم القيامة , وساعتها يا أمّاه سأفرح فرحة لم أفرحها في حياتي .
أماه , حبيبتي , كبدي , نخاع نخاعي كم يشقّ في نفسي , وفؤادي , وكم تنهمر دموعي كالأنهار , كالشلال , وأنت تخبريني أنك تنتظرين على أحر من الجمر ظهوري في أية شاشة عربية , ثمّ تهرولين تجاهها و تقبلّين جهازا عديم الروح ينقل صورة مجرد صورة , و تضمّين الجهاز إلى صدرك , وتمرّرين خدّك الشريف على الشاشة , و تصرخين يحي , يحي يحياه , يحياه , طال الفراق , طال البعاد , و أنا والله كأنني كنت أسمعك فيزداد غيظي على الظالمين و أتقرّب إلى الله بتعريتهم , و أرفع صوتي ضد مكرهم وظلمهم و إستبدادهم وسرقتهم لأموال الشعوب و أقوات الفقراء , كنت تصرخين بالدموع , و أنا أصرخ بقولة الحق .
كم كنت تتمنين أن تدوم برامجي ساعات وساعات , و كنت تخففّين وطأة الحزن بوضع الشريط المسجّل في الجهاز الرائي و ربما كنت توصلين الليل بالنهار و أنت تتأملين فلذة كبدك الذي حملته رياح الظلم بعيدا بإتجّاه المنافي .
آي مهجتي , يا نور المآقي , يا ماء السواقي , يا أقدس منحة من الخلاّق , كان يبلغني و كنت أعلم أيضا , أنه و عندما يحين وقت الغداء أو العشاء , تتركين مكانا خاليا في المنضدة و طاولة الطعام , و تقولين لإخوتي هذا مكان يحي , سأسكب له الطعام الذي يحبّه , فقد كان يتلذذ هذا الطعام , وذاك الطعام ..
في عيدك الأبدي , وعيدك في كل عشر ثانية , وفي كل ثانية , وفي كل دقيقة , و في كل ساعة , وفي كل لحظة , فأنت نبض قلبي , وكلما نبض قلبي نادى حبيبتي يا من أرضعتني حليبا طاهرا و ألبستني ثيابا طاهرة , و دثّرتني في كل لحظة من لحظات الليل , وكنت صاحبة الفضل في إقامة جسر متين بيني و بين الثقافة , بين قلبي و الحضارة , بين وجودي والمطالعة , و عندما دبّ الوعي في كياني , رحت تحرمين العائلة من الطعام و أصنافه , و تخصّيني به لأشتريّ كتبا ودواوين وموسوعات .
شكرا لك أماه , فأنا مدين لك بكل حرف تعلمته , وبكل كتاب قرأته , وبكل عبارة إستوعبتها و كل علم تفتّق ذهني عليه , وكل فكر صاغ شخصيتي ,,,
لكن يا أمّاه , يا مهجتي وناصيتي , عندما حان وقت سداد الدين و تعويضك عن سنوات الجمر و الصعاب , فرقّوا بيننا .
و لن أقول أبدا وداعا , و تاللّه لن أقول وداعا , فإمّا لقاء قريب , و لن يكون شيئ آخر , وكل حياتي أصبحت محطة إنتظار , محطة يعود فيها الفرع إلى الأصل , و الجزء إلى الكل , و الروح إلى الجسد , و الرؤية إلى البصر ووووووووووووووووووووووووو.
و إذا شاء الله و ألحقك بالرفيق الأعلى قبلي , فأبشرّك بأن روحي ستفيض بعدك مباشرة , وعندها نلتقي عند ربّ العالمين و سوف يجمع بيننا في دار الخلد , في دار لا ظلم فيها ولا إستبداد , وسوف يقتصّ من كل ظالم فرقّ بين أم وإبنها .
أما إذا فارقت أنا الحياة قبلك أمّاه , فساعدك الله , وساعدني , وشكرا لك على كل شيئ , و سأظلّ أقبّل قدميك كما كنت أفعل دائما إلى أن ألقى الله تعالى .
أتذكرين عندما كنت أطرحك أرضا وأقبّل قدميك , فعلتها رضيعا وطفلا و فتيّا وكهلا , و حتى لما تقدمّ بي العمر ما زلت أقبل قدميك قدميك .
وكنت أقول لإخوتي إشهدوا لي أمام الله أنني كنت أقبّل قدمي أمي يوميا , وكنت لا تقبلين مني هذا الفعل و كنت تنهرين عن ذلك , بحجة أنني كبير في السنّ و الموقع الإعلامي و الثقافي , وكنت تقولين لا يجب عليك القيام بهذا بذلك .
و كنت أقول لك : يا أماه دعيني قرب جنّتي , فقد يأتي عليّ يوم لا أستطيع فيه تقبيل قدم من سعى لتكويني و تربيتي , و كنت أقول لك أماه رجاءا لا تحرميني من الجنة , فالجنة غالية وهي تحت قدميك , و ما زالت هذه الجنّة تحت قدميك , و أنا بعيد عنك و عن الجنة , ولذلك دعيني أقول لك : لقد قتلتني جهنم الأحزان وسقر الفراق , ولظى العذابات يا أعذب ما في الوجود , و أصدق من أحبّ و أقدس من وطأ البسيطة ، ياأمّاه .
منقول.....مما راق لي جدااااااااااااااااا.............
أشتقت لكِ يا أمي فعلميني كيف لا أشتاق...................
الف رحمة و نور عليك يا ماما
مشتاقة الك
HAMSALHB المشرفة العامة
المشاركات : 33281 نقاط المساهمات : 72957 الشعبيه : 183 تاريخ التسجيل : 28/03/2010 الموقع : اسرة القلم العمل/الترفيه : ان اكون معكم دائما المزاج : الحمد الله دائما وابدا
موضوع: رد: اجمل ما قرأته اليوم....رسالة إلى أمي الحبيبة العظيمة.......... الأربعاء أبريل 04, 2012 11:42 pm
يتذكّر الناس أمهاتهم مرة في السنة , في عيد أسموه عيد الأم , أما أنا فإني أذكر أمي في كل ثانية , و في كل دقيقة , وفي كل ساعة , هي روحي ومهجتي , هي بؤبؤ عيني و نبضات قلبي , و عندما أقول : أمّاه , يقشعّر بدني و يهتزّ كياني , إنّه العالم العلوي الذي ضمّني صغيرا و كبيرا . و في الواقع لم أكن راغبا في نشر رسائلي إلى أمي الحبيبة لعلمي بخصوصية الموضوع , لكني راجعت نفسي ثم قرّرت أن أنشر كل تلك الرسائل في كتاب بعنوان / رسائل إلى أمي , و أنا و الله على ما أقول شهيد لم أصطنع أحدوثة , ولا إقتبست موضوعا من رواية غوركي , لقد عشت كل كلمة قلتها , وما زلت .
وأدعو كل إبن أو بنت للبّر بأمهما و أبيهما , و الإستمتاع بالوجود مع الشمس و القمر , الأم والأب , فدعاؤهما مستجاب , ورضاهما يجلب التوفيق الرباني , و يفتح الدروب نحو أكبر النجاحات في الحياة ..
ما كنت أعلم أنّ الدهر يخفي لي كيدا و ما كنت أحذر .
والدهر ديدنه الغدر وإن أضحك إمرءا يقبر .
أماّه قلبك الجياش يعلم عن حالي ويشعر .
أماه من فيض قلبك أستلهم الصبر فأصطبر .
كانت بسمتك مرهما لجروحي وبها حياتي كانت تزدهر .
غابت عني ضحتك فأنتهت حياتي و بذا حكم القدر .
أمّاه لا أريد أن أخاطبك بالنثر ولا بالشعر فأنت أكبر من النثر والشعر , ولا أريد أن أخاطبك بأحلى الكلام و أفصح البيان فأنت أكبر من هذا وذاك .
منذ حكم عليّ القدر بالتجوال في المنافي و الأرصفة و الشوارع و المدن و العواصم والقارات , وأنا أبكي بدل الدمع دما عبيطا , نسيت كل الصور إلاّ صورتك الجميلة , مازلت أتذكّر قولك لي عندما شرع أهل الظلام في قتل الكتّاب والصحفيين في الجزائر , قلت لي : إذهب يا يحي بعيدا فأن أراك غريبا ضائعا في بلدان الناس , خير لي من أن أراك قتيلا مذبوحا من الوريد إلى الوريد .
لكنّ الغربة يا أمي ذبحتني من الوريد إلى الوريد فحبك الجيّاش لا وجود له في أرصفة المنافي و لا في الأزقة , و قهوتك الرائعة التي كنّا نشربها عصر كل يوم لا وجود لها في مقاهي الأرصفة الضائعة هنا وهناك .
ما زلت أتذكّر كلامك : ما أحلى جلسات الأحباب لو تدوم , نعم هكذا كنت تقولين. أمّاه ألمّت بيّ الأوجاع من كل جانب ودموعي باتت ساخنة سخونة شوقي إليك , والله يا أماه لم أفعل شيئا في حياتي , وأنت تعرفيني جيدا , فمنذ صباي كان رفيقي الكتاب والقلم , ولم أك أدري أنّ الفكر هو أعظم جريرة في عصر كل حكّامه طغاة .
و أنت يا أمّي تلمّ بك المصيبة تلو المصيبة ولا أقدر أن أزروك أو أراك , ألمّت بكم المجازر الدائمة وأنا أتفرّج , ألمّ بكم الطوفان وأنا أتفرّج , ألمّت بكم الزلازل وأنا أتفرّج , بلغني أنّ العمارة التي تقطنينها في الجزائر العاصمة تضررّت وهي آيلة إلى السقوط وأنا أتفرّج ,
إلى متى يا أمي .
والله لقد إنفطر كبدي وتفتتّ أعضائي , وقد تفتتّ أعضائي حقيقة , فما إن إنتهيت من عملية جراحية في الكلية , حتى دخلت غرفة العمليات لإستئصال المرارة و أشياء أخرى لا أقدر أن أرويها لك حتى لا تصابي بشظايا حزن قاتل .
لم يبق فيّ إلاّ القلب الذي يحمل كل هذا الحبّ لك , وكل الكراهيّة للطغاة والظالمين والذين بدون جريرة يلاحقون الإنسان ويحولون بينه وبين أن يلتقي بأمه أعظم كائن في الوجود .
بلغني يا أمّاه أنّ العمارة التي تقطنين فيها في الجزائر آيلة إلى السقوط , دعّي شقتك يا أماه ونامي في العراء أسوة بالمستصعفين الذين إفترشوا الأرض وألتحفوا السماء . نامي على أحشائي المتعبة , نامي على قلبي الذي دكدكه الزمن , نامي على روحي المتعبة , نامي في الفيافي و القفار يا أماه , المهم يا مهجتي وبؤبؤ عيني , يامن كنت توفرين في مصروف البيت الضئيل الذي كنت تحصلين عليه من والدي المجاهد الذي قاد ثورة الجزائر هو و المجاهدون ورفض الحصول على أي إمتياز لإصراره على أنّه جاهد للّه تعالى وليس لدنيا ينالها , هذا المصروف الذي كنت تعطيني إياه لأشتري كتبا و دواوين وروايات هذه الكتب التي شكلّت ثقافتي و أفكاري وحبّي لجمالية الحياة و إنسانية الإنسان .
أمّاه أتمنى أن أراك ذات يوم وأشرب معك قهوة ,لكن ماذا نفعل مع من صادروا وطنا حررّه أبي , ماذا نفعل مع من لا يحب نور الفكر و يدمن على الظلام و لا يحبّ النقد ولا يحب الثقافة , بل هو مفطور على الظلم و الإستبداد و فتح السجون والمعتقلات . و محنة المثقف تزداد بشكل كبير في بلادي و في العالم العربي , و أنت تعلمين أنني وقبل مغادرتي الجزائر كتبت قائلا :
إن المثقف إذا مال إلى السلطة قتلته المعارضة , وإذا مال إلى المعارضة قتلته السلطة , وإذا بقيّ حياديا قتله الإثنان معا .
يا أمّاه فلتتضرر الأوطان وبيوت المستضعفين , و المهم أن لا تتضررّ قصور الرئاسة وقصور السيادة التي يسكنها كبراؤنا الذين يتلذذون بصناعة الظلم والمأساة و ينتجون الحزن و الذين أقاموا مصانع للدموع و الأوجاع و العذابات .
والعجيب يا أمّاه أنّ الزلزال لا يطاول قصور الرئاسة و دوائر قرارات الظلم العالمي بل يصيب المستضعفين الذين لا يملكون قدرة على شيئ , أي حكمة إلاهيّة هذه يا أمّاه .
نعم يا أماه إن الله يملي لهم ليزدادوا كيدا , ثمّ يكبّهم في الدرك الأسفل من النار .
أمّاه سنلتقي يوما وسنجتمع يوما والذين أنتجوا الزلازل السياسية لا يمكن أن يبقوا سرمدا إلى يوم القيامة , وساعتها يا أمّاه سأفرح فرحة لم أفرحها في حياتي .
أماه , حبيبتي , كبدي , نخاع نخاعي كم يشقّ في نفسي , وفؤادي , وكم تنهمر دموعي كالأنهار , كالشلال , وأنت تخبريني أنك تنتظرين على أحر من الجمر ظهوري في أية شاشة عربية , ثمّ تهرولين تجاهها و تقبلّين جهازا عديم الروح ينقل صورة مجرد صورة , و تضمّين الجهاز إلى صدرك , وتمرّرين خدّك الشريف على الشاشة , و تصرخين يحي , يحي يحياه , يحياه , طال الفراق , طال البعاد , و أنا والله كأنني كنت أسمعك فيزداد غيظي على الظالمين و أتقرّب إلى الله بتعريتهم , و أرفع صوتي ضد مكرهم وظلمهم و إستبدادهم وسرقتهم لأموال الشعوب و أقوات الفقراء , كنت تصرخين بالدموع , و أنا أصرخ بقولة الحق .
كم كنت تتمنين أن تدوم برامجي ساعات وساعات , و كنت تخففّين وطأة الحزن بوضع الشريط المسجّل في الجهاز الرائي و ربما كنت توصلين الليل بالنهار و أنت تتأملين فلذة كبدك الذي حملته رياح الظلم بعيدا بإتجّاه المنافي .
آي مهجتي , يا نور المآقي , يا ماء السواقي , يا أقدس منحة من الخلاّق , كان يبلغني و كنت أعلم أيضا , أنه و عندما يحين وقت الغداء أو العشاء , تتركين مكانا خاليا في المنضدة و طاولة الطعام , و تقولين لإخوتي هذا مكان يحي , سأسكب له الطعام الذي يحبّه , فقد كان يتلذذ هذا الطعام , وذاك الطعام ..
في عيدك الأبدي , وعيدك في كل عشر ثانية , وفي كل ثانية , وفي كل دقيقة , و في كل ساعة , وفي كل لحظة , فأنت نبض قلبي , وكلما نبض قلبي نادى حبيبتي يا من أرضعتني حليبا طاهرا و ألبستني ثيابا طاهرة , و دثّرتني في كل لحظة من لحظات الليل , وكنت صاحبة الفضل في إقامة جسر متين بيني و بين الثقافة , بين قلبي و الحضارة , بين وجودي والمطالعة , و عندما دبّ الوعي في كياني , رحت تحرمين العائلة من الطعام و أصنافه , و تخصّيني به لأشتريّ كتبا ودواوين وموسوعات .
وووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو شكرا لك أماه , فأنا مدين لك بكل حرف تعلمته , وبكل كتاب قرأته , وبكل عبارة إستوعبتها و كل علم تفتّق ذهني عليه , وكل فكر صاغ شخصيتي ,,,
لكن يا أمّاه , يا مهجتي وناصيتي , عندما حان وقت سداد الدين و تعويضك عن سنوات الجمر و الصعاب , فرقّوا بيننا .
و لن أقول أبدا وداعا , و تاللّه لن أقول وداعا , فإمّا لقاء قريب , و لن يكون شيئ آخر , وكل حياتي أصبحت محطة إنتظار , محطة يعود فيها الفرع إلى الأصل , و الجزء إلى الكل , و الروح إلى الجسد , و الرؤية إلى البصر ووووووووووووووووووووووووو.
و إذا شاء الله و ألحقك بالرفيق الأعلى قبلي , فأبشرّك بأن روحي ستفيض بعدك مباشرة , وعندها نلتقي عند ربّ العالمين و سوف يجمع بيننا في دار الخلد , في دار لا ظلم فيها ولا إستبداد , وسوف يقتصّ من كل ظالم فرقّ بين أم وإبنها .
أما إذا فارقت أنا الحياة قبلك أمّاه , فساعدك الله , وساعدني , وشكرا لك على كل شيئ , و سأظلّ أقبّل قدميك كما كنت أفعل دائما إلى أن ألقى الله تعالى .
أتذكرين عندما كنت أطرحك أرضا وأقبّل قدميك , فعلتها رضيعا وطفلا و فتيّا وكهلا , و حتى لما تقدمّ بي العمر ما زلت أقبل قدميك قدميك .
وكنت أقول لإخوتي إشهدوا لي أمام الله أنني كنت أقبّل قدمي أمي يوميا , وكنت لا تقبلين مني هذا الفعل و كنت تنهرين عن ذلك , بحجة أنني كبير في السنّ و الموقع الإعلامي و الثقافي , وكنت تقولين لا يجب عليك القيام بهذا بذلك .
و كنت أقول لك : يا أماه دعيني قرب جنّتي , فقد يأتي عليّ يوم لا أستطيع فيه تقبيل قدم من سعى لتكويني و تربيتي , و كنت أقول لك أماه رجاءا لا تحرميني من الجنة , فالجنة غالية وهي تحت قدميك , و ما زالت هذه الجنّة تحت قدميك , و أنا بعيد عنك و عن الجنة , ولذلك دعيني أقول لك : لقد قتلتني جهنم الأحزان وسقر الفراق , ولظى العذابات يا أعذب ما في الوجود , و أصدق من أحبّ و أقدس من وطأ البسيطة ، ياأمّاه .
منقول.....مما راق لي جدااااااااااااااااا.............