توقع تقرير حديث للبنك الدولي، أن ينمو الناتج الإجمالي للأردن الى 3.5% العام 2014 -اذا ما سارت الأمور بشكل طبيعي- اضافة الى ترجيح انخفاض معدل التضخم ليبلغ 3.8% العام الحالي مقارنة بـ 5% العام الماضي.
وبين أحدث تقرير ربعي سنوي صادر عن البنك، والذي يحمل عنوان «الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: بطء النمو يعزز الحاجة إلى إجراء إصلاحات»، أن الاقتصاد الأردني ما زال يتأثَّر بالتوترات الإقليمية وانقطاع إمدادات الغاز من مصر وتدفق اللاجئين السوريين على الأردن.
وتشهد الحسابات الخارجية وحسابات المالية العامة حاليا تدهورا، في حين أنهك تدفق اللاجئين أسواق العمل والإسكان وأضعف من سبل الحصول على الخدمات العامة. ونتيجة لذلك، من غير المتوقع أن يزيد معدل نمو إجمالي الناتج المحلي عن مستوى 3% الذي سجله على مدى نحو 3 أعوام.
وتظهر البيانات الرسمية أن معدل نمو إجمالي الناتج المحلي وصل إلى 2.8% في الربع الثالث من عام 2013،» وان كان أكبر من 2.6% في الربع الأول من 2013» بالمقارنة مع الربع السابق من العام الماضي. إلا أنه على أساس سنوي، لم يحدث أي تحُّسن في النمو الحقيقي لإجمالي الناتج المحلي في الأشهر الستة الأولى من عام 2013، حيث بلغ 2.8% في النصف الأول من 2013 بالمقارنة بالفترة نفسها من عام 2012. وتظهر التقديرات المبدئية للبنك الدولي أنه في ظل الأوضاع الحالية، سيبقى معدل النمو في مسار 3% حتى عام 2015 إذ من المتوقع آنذاك أن يتجاوز هذا المعدل.
ومع تباطؤ النمو، استمرت معدلات البطالة في الازدياد، وتظهر البيانات الرسمية أن معدل البطالة للربع الثالث من عام 2013 ارتفع 1% ليصل إلى 14% بالمقارنة مع الفترة نفسها من عام 2012. وهذه هي أكبر زيادة في عدد العاطلين خلال السنوات الأربع الماضية، وبلغ معدل البطالة بين الرجال 11.3% وبين النساء 26.8%. ومن الملاحظ أن معدل البطالة بين الشباب «الشريحة العمرية 15-19 والشريحة 20-24 عاما» مرتفع للغاية إذ بلغ 37.9% و34.9% على الترتيب مقارنة مع 36.1% و30.1% على التوالي في العام الماضي.
وتظهر البيانات أن البطالة ما زالت مرتفعة بين خريجي الجامعات وتقترب من 20.6% في الفترة نفسها. وقد اتسعت الفجوة بين أعداد العاطلين في مختلف مناطق البلاد، حيث سجلت محافظة العقبة الجنوبية أكبر معدل بطالة، إذ بلغ نحو 20.3%، وكان أدنى معدل في محافظة الزرقاء حيث بلغ 9.8%. وثمة علامات على أن التوسع في بلدان مجلس التعاون الخليجي يساعد على تعزيز الطلب الخارجي على العمالة األاردنية الماهرة، الأمر الذي قد يساعد على تخفيف الضغط على سوق العمل المحلية في الأمد القصير.
وتظهر بيانات التضخم الصادرة عن البنك المركزي الأردني اتجاها نزوليا لمعدل التضخم الشهري. وبعد أن بلغ معدل التضخم ذروته عند 7.3 في آذار 2013، فإنه تراجع إلى 6.1% في أيلول 2013. وكانت سياسة الحكومة لتحرير أسعار الوقود في تشرين الثاني عاملا رئيسيا في ارتفاع معدل التضخم. وكان لزيادة رسوم الكهرباء التي استهدفت كبار مستهلكي الطاقة فحسب أثر ضئيل على الأسعار. وكان ذلك جزءا من برنامج هدفه تقليص الخسائر في الشركة الوطنية للكهرباء التي تفاقمت بسبب اضطرار الشركة إلى استخدام زيت الوقود بدلا من الغاز المصري. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن معدل التضخم سيحوم حول نحو 5% في 2013 قبل أن يتراجع إلى 4% في 2014.
وفي الجانب الإيجابي، انتعشت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في النصف الأول من عام 2013، حيث بلغت في الأشهر الستة الأولى من عام 2013 إجمالا نحو مليار دولار مرتفعة 34% عما كانت عليه في الفترة نفسها من العام الماضي، لكن لم يتضح بعد هل ستستمر. وتظهر تقديرات مبدئية من البنك الدولي أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة قد تتعافى في العام 2014 وتصل إلى مستواها قبل الأزمة والذي بلغ نحو 2.5 مليار دولار في 2014 سّجل زيادة نسبتها 13% و39% العام 2013 و2014 على الترتيب بالمقارنة بمستوى 2012.
ولتحقيق الاستقرار على صعيد الاقتصاد الكلي، دعا البنك الدولي الى إجراء إصلاحات هيكلية والتي تأخر طويلا في تنفيذها، منها تبسيط الإجراءات الحكومية واللوائح التنظيمية لممارسة أنشطة الأعمال، وإلغاء القواعد الصارمة التي تقيد سوق العمل، وتحسين كفاءة الإنفاق العام. ولكن حتى الآن، حظيت المسائل السياسية والأمنية بالأولوية، ولم تلق الإصلاحات الاقتصادية الاهتمام الكافي.
وأشار التقرير الى أن اقتصاديات دول الشرق الأوسط تضررت بشدة من استمرار التوترات الإقليمية والبيئة الخارجية الحافلة بالتحديات. فالنمو الاقتصادي تباطأت وتيرته، واحتياطيات المالية العامة آخذة في النضوب، ومعدلات البطالة في ازدياد، والتضخم يتفاقم في سبعة بلدان تسير على طريق التحول السياسي في المنطقة. ولتفادي إذكاء السخط الاجتماعي والسياسي، استمر تأجيل إصلاحات تأخرت طويلاً وكان يمكن أن تحفز النمو وتساعد على تهيئة فرص العمل، لذلك دعا البنك بوجوب أن تغتنم هذه البلدان الفرصة لحث خطى الإصلاحات الهيكلية التي تشتد الحاجة إليها لكسر الحلقة المفرغة لبطء النمو وعدم الاستقرار السياسي.
وبين التقرير أن البلدان المستوردة للنفط مصر وتونس والأردن ولبنان تعاني من سنوات من ضعف الاستثمار، ولاسيما في الصناعة ومرافق البنية التحتية. ففي مصر، تعرقل قيود وحواجز كثيرة ممارسة أنشطة الأعمال، وتهيمن المحسوبية على القطاع الخاص. ولا تزال تونس تواجه تحديات اقتصادية جسيمة من جراء التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية بين المناطق. ويعاني الاقتصاد اللبناني من نقص الخدمات العامة، وظاهرة التكدس في المدارس العامة، ونقص إمكانيات الوصول إلى المستشفيات والعيادات الحكومية لمحدودي الدخل ولاسيما في المناطق الريفية.
وأخيرأ، ذكر التقرير أن البلدان النفطية نتيجة لسوء إدارة الموارد النفطية، تشتد الحاجة إلى تنويع النشاط الاقتصادي من أجل تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي على الأمد الطويل في إيران واليمن وليبيا. ومن الملاحظ فيها أن القطاعات العامة وشبه العامة كبيرة وهائلة وتعوق تنمية القطاع الخاص في هذه البلدان